للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَكَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ آخَرُونَ، فَرُحْنَا إِلَيْهِ، فَدَعَا الَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا الْبَصَلَ، وَأَخَّرَ الآخَرِينَ، حَتَّى ذَهَبَ رِيحُهَا.

في هذه الأحاديث: بيان أن من أكل الكرَّاث أو الثوم أو البصل، وكان له رائحة، فلا يقرب المسجد، ولا يصلي مع الجماعة؛ لأنه يؤذي الآدميين، ويؤذي الملائكة، فلا يدخل المسجد إلا إذا أزال الرائحة، ولكن إذا تعمد أكل الكراث حتى يترك الجماعة يكون آثمًا، فإذا أكلها محتاجًا ولم يتعمد فإنه يكون عذر له في ترك الجماعة، ومثله كل ما فيه رائحة كريهة، فلا يجوز للإنسان أن يؤذي الناس مثل رائحة الدخان فهي أعظم، أو رائحة الأسنان، أو رائحة الإبطين.

وهذا الأمر للوجوب، فيجب عليه أن يقعد في بيته لئلَّا يؤذي الناس، وقد حدثني بعض الناس أنه قطع صلاته لما صلى بجوار أحدهم وقد تأذى من رائحته.

ويدل على أن أكل هذه الأشياء ليست محرمة أنه صلى الله عليه وسلم قربها لبعض أصحابه، وقال ((كُلْ))، وهذا يحمل على أنه لم يكن قريبًا من المسجد، أو من وقت صلاة.

وقوله: ((فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي) أي: هو صلى الله عليه وسلم يناجي المَلَكَ، فلا يأكل ما له رائحة كريهة.

والمرأة- ولو كانت في البيت- لا تأكل ما له رائحة قبل الصلاة؛ لأنها تؤذي الملائكة، إلا أن تزيل رائحته.

وفيها: أن المحرِّم والمحلِّل هو الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله، فهو يحرم بوحي من الله، قال الله تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}.

قوله: ((حَتَّى ذَهَبَ رِيحُهَا)) فيه: أنه إذا أزال ريحها بشيء فلا يضر؛ كإزالتها بالبقدونس، أو ما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>