للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقول: لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ.

هذا ليس بحديث، وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبيه، قال الشراح: إن الإمام مسلم رحمه الله ذكر هذا؛ لأنه تعب في سياق هذه الأسانيد وضبطها، وأعجبه- أيضًا- سياق أحاديث توقيت الصلوات، فأراد أن يبين لطالب العلم أنه لا بد أن يتعب، وأن هذا العلم الذي حصَّله مسلم في ضبط الأسانيد والعناية بها ما جاء بالنوم والكسل، وإنما جاء بالتعب؛ فالعلم لا ينال براحة الجسم، وكان العلماء يتعبون ويسهرون، ويسافرون على أقدامهم، ويطلبون العلم، ويأخذون عن المشايخ، فالإمام أحمد رحمه الله خرج إلى طَرَسُوس ماشيًا، وخرج إلى اليمن ماشيًا (١)، وقال بقي بن مخلد: ((أتيت العراق، وقد مُنع أحمد بن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خُلة، فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال، ونحن خلوة، حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاثمائة حديث)) (٢).

فينبغي أن يحرص طالب العلم على حضور الحلقات لتحصيل الفوائد، وعليه الانتباه والعناية، لا سيما وقد زال الآن التعب في تحصيل العلم وكل شيء أصبح ميسرًا، فالكتب كلها مدونة، وما على الإنسان إلا أن يعطيها وقته وعقله، وأعطِ العلم كلَّك يعطِكَ بعضه.


(١) مناقب الإمام أحمد، لابن الجوزي (ص ٣٨).
(٢) سير أعلام النبلاء، للذهبي (١٣/ ٢٩١)، وقال: ((قلت: هذه حكاية منقطعة)).

<<  <  ج: ص:  >  >>