للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصح قولي العلماء.

أما من جعل أسبابًا لليقظة كتعبئة المنبه، أو أن يطلب من أهله، أو من أصحابه إيقاظه للصلاة، ثُمَّ نام، فهذا لا لوم عليه، ولو تكرر، ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه: ((أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ) قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ: ((يَا بِلَالُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ )) قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ)) (١)، فكان هذا من رحمة الله بالأمة لتشريع هذا الحكم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ)) فيه وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في طاعة الله، وفي الأمور المباحة، وأنه لا يجوز الخروج على ولي الأمر، أما المعاصي فلا يطاع فيها أحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ)) (٢).

٣ - دليل على أن الولاية تثبت بالقوة والغلبة؛ لأنها لو كانت بالاختيار وحده فلا أحد يختار للولاية عبدًا حبشيًّا مجدع الأطراف، بل يختاره من قريش؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ)) (٣)، وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ)) (٤).

٤ - دليل على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمر إلا إذا وُجد منهم كفرٌ صريح واضح عندهم فيه من الله برهان، قال صلى الله عليه وسلم: ((وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)) (٥)، وكذلك عند القدرة على الخروج،


(١) أخرجه البخاري (٥٩٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٠٩٨).
(٣) أخرجه أحمد (١٢٤٨٩).
(٤) أخرجه مسلم (١٨٢١).
(٥) أخرجه البخاري (٧٠٥٦)، ومسلم (١٨٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>