للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا على ذلك: بأن عثمان رضي الله عنه قصر الصلاة صدرًا من إمارته، ثم أتمها في مِنًى، فصلى الصحابة رضي الله عنهم خلفه، ولو كان ذلك غير جائز لما أقروه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ: ((صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا)) (١)، وكذلك أتمت عائشة رضي الله عنها الصلاة في السفر، كما جاء في قول الزُّهْرِيُّ: ((قُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ، تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ، كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ)).

وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله وجماعة: إلى أنه يجب قصر الصلاة الرباعية في السفر (٢)، واستدلوا بقول عائشة رضي الله عنها: ((أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ)).

وتستمر مدة قصر الصلاة للمسافر أربعة أيام، فإذا نوى أن يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام فإن أحكام السفر تنقطع عند جمهور العلماء (٣).

واستدل الجمهور على ذلك: بأن النبي صلى الله عليه وسلم وصل إلى مكة في حجة الوداع في اليوم الرابع من ذي الحجة، وأقام بالأبطح يقصر الصلاة أربعة أيام، وارتحل إلى مِنًى في اليوم الثامن (٤)، فقالوا: ما زاد على هذه الأربعة أيام فإنه لا يُترخَّص في القصر فيه.

أما إذا لم ينوِ الإقامة، ولكن ينوي قضاء حاجة لا يدري متى تنتهي، فيقصر ولو أقام مدة طويلة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك، فإنه أقام تسعة عشر يومًا وهو يقصر الصلاة؛ لأنه لم ينوِ إقامةً، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهمَا قَالَ:


(١) أخرجه البخاري (١٠٨٢)، ومسلم (٦٩٦).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني (١/ ٩١).
(٣) بدائع الصنائع، للكاساني (١/ ٩٧)، التاج والإكليل، للمواق (٢/ ٥٠٣)، مغني المحتاج، للخطيب الشربيني (١/ ٥١٩)، المغني، لابن قدامة (٢/ ٢١٥).
(٤) أخرجه ابن خزيمة (٩٠٨)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>