للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاتمة ومهيمنة على جميع الشرائع السابقة وناسخة لها ومستوعبة كل خيراتها، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (١) وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (٢).

هذه هي أهم المناهج الرئيسة التي طبقها المستشرقون على دراسة العقيدة الإسلامية وحضارتها، وقد لاحظنا فيما سبق أن المناهج السابقة كانت قد وجدت مستقيمة مثمرة عند علمائنا الأقدمين ثم أخذها المستشرقون متأثرين بخلفياتهم وانطباعاتهم المسبقة، وحولوها لتكون صالحة للقضاء على الظاهرة الإسلامية قضاء مبرمًا.

فيقوم المنهج التاريخي بمهمة الفصم بين مصدر الظاهرة -وهو الكتاب والسنة- وبين الظاهرة نفسها مرجعًا إياها إلى مصدر تاريخي محض، ثم يقوم المنهج التحليلي بمهمة تفتيت الظاهرة الفكرية إلى عناصر وعوامل مادية لتكون بديلة عنها، ثم يقوم المنهج الإسقاطي بمهمة تفسير الظاهرة ابتداء من الصور الذهنية المماثلة أو المخالفة والتي ليس لها إلا وجود ذهني خالص في نفس المستشرق، ويقوم أخيرًا منهج الأثر والتأثر بالمهمة الباقية وهي القضاء التام على ما تبقى من الظاهرة مفرغًا إياها من مضمونها، ومرجعًا إياها إلى مصادر خارجية في بيئات أخرى، وهذا في زعمهم ولكن الله متم نور ولو كره الكافرون (٣).

هذا وهناك أمور تلاحظ في تطبيقات غالبية المستشرقين، وهي تشكل أحيانًا مناهج مستقلة، وإذا اعتبرنا المناهج السابقة مناهج رئيسية، فهذه الأمور الآتية مناهج فرعية داخلة فيما سبق من المناهج.


(١) سورة المائدة: ٤٨.
(٢) سورة الأنعام: ٣٨.
(٣) ينظر التراث والتجديد لـ د. حسن حنفي ص: ٧٨.