للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يستهدف بذلك كله إلى إيجاد التقارب بين الحاكم والمحكوم وتخفيف وطأة الحكام على المحكومين المسلمين، وتخفيف تهيج المسلمين على الحكام المستعمرين.

وبعد انتهاء الثورة سنة ١٨٥٩ م أصدرت الملكة مرسوما تعلن فيه العفو العام للمسلمين في الهند، فاجتمع ١٥ ألف مسلم في ميدان عند مقبرة الشاه بلاقي خارج مدينة مراد آباد في ٢٨ يوليو سنة ١٨٥٩ م ليشكروا الملكة على قرار العفو، وكان السيد زعيم الحشد، فخاطبهم، وعرض نفسه قائدًا لقوم قد قاوموا الجديد بالقديم فانهزموا، وليس أمامهم طريق إلا أن يخضعوا للمستعمرين ويقبلوا طاعتهم ويقلدوهم في كل صغير وكبير لأنهم أصحاب حضارة فعالة وهم أئمة عدل وإنصاف، ودعا الله أن يديم حكومتهم على مسلمي الهند (١).

بعد أن آمن إيمانًا جازمًا بأن الرقيّ لا يمكن إلا بتقليد الغرب وأن النجاح لا يمكن حصوله إلا برفض القديم والإقبال على الجديد أصبح داعيًا إلى ما يعتقده بكل حماس، وبدأ خطته بإنشاء جمعية أدبية علمية في عليكره (٢) حيث كان قاضيًا سنة ١٨٦١ م، وكان الغرض منها نشر الآراء الحديثة في التاريخ والاقتصاد والعلوم، وترجمة أهم الكتب الإنجليزية في هذه الموضوعات إلى اللغة الأردية، وقد كان يرى أن تعلم هذه العلوم باللغة الإنجليزية لا يكفي .... إنما الذي يفيد فائدة كبرى نقل هذه العلوم إلى لغة البلاد حتى يشترك في فهمها والاستفادة منها أكبر عدد ممكن (٣).

ثم ازداد إعجابه وتأثره عندما قام برحلة إلى إنكلترا سنة ١٨٦٩ م -١٨٧٠ م وكان معه ابناه سيد حامد وسيد محمود، ومن الأسباب التي دفعته إلى هذه الرحلة.

أنه أراد أن يطلع على تطور الحضارة الغربية بأم عينيه وإفادة أبناء وطنه بنتائج سفره،


(١) ينظر حياة جاويد لحالي ص: ٩٧ - ١٠١.
(٢) هذا تعريب لاسمه الأصلي عليكره أي حصن علي.
(٣) زعماء الإصلاح في العصر الحديث لأحمد أمين، مكتبة النهضة المصرية القاهرة ١٩٦٥ م ص: ١٢٧.