للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة يعتبر شبلي من أولئك المفكرين الذين جمعوا بين القديم والحديث، وعرضوا الأمور العقدية الجديدة في القالب القديم والتتزموا بالمصطلحات القديمة لترويج المعاني الجديدة المتأثرة بالفكر الاستشراقي الغربي.

يقول الشيخ أبو الخير محمد إسماعيل السلفي ما معناه "شبلي والسير سيد أحمد خان من أولئك العقلانيين المتأثرين بالاستشراق الغربي الذين أنكروا كل شيء لم تدركه عقولهم، واختاروا طريق التأويل البعيد وأسموا هذه العملية بالمنهج الطبيعي أو الفطري أما شبلي فسماها دراية، فقد راج المصطلح الأول في أوساط المثقفين بثقافة غريبة ولكن وجد النفور عند علماء الدين، وأما المصطلح الثاني الذي اختاره شبلي والذي كان مقبولًا في القديم فقد تلقى في هذا العصر قبولًا عند الجميع.

والدراية عنده ليست كما فهمها السلف (١) إنما الدراية عنده النظر العميق في كل حادث يروى حتى يحصل منه العلم اليقين، مثلا: أن هذا الحادث هل تتوافق مع طبيعة الحال، وخصائص الزمن وما نسبته مع صاحب الحادث، هل لديه قرائن عقلية تؤيد وقوعه وغير ذلك من الضوابط اخترعها لنفسه" اهـ (٢).

واختار لنقد الروايات الحديثة القواعد المتأثرة بالمنهج الاستشراقي الغربي والتي قد وضعها السير سيد أحمد خان، فرجح درايته على الرواية وفتوى عقلية لعالم من العلماء على الحديث الثابت الصحيح، واهتم بمتن الحديث في النقد أكتر من نقده للرواة وعددهم، ورفض على هذا الأساس بعض الأحاديث الثابتة سندًا: منها ما رأى مخالفًا للعقل أو مخالفًا لدرايته الطبيعية أو مخالفًا لمشاهدته الجغرافية أو مخالفًا لنص القرآن في الظاهر أو مخالفًا للإجماع المزعوم عند الفقهاء أو مخالفا لما تعاهد عليه الناس من الطب والعلاج أو ما رأى مخالفًا لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم في زعمه (٣).


(١) ينظر لمفهوم الدراية عند السلف ص: ٦٣٢ في هذا البحث.
(٢) ينظر مقدمة كتاب حسن البيان فيما في سيرة النعمان لأبي الخير محمد إسماعيل السلفي ص: ٢٩ - ٣٢، والكتاب للشيخ عبد العزيز المحمدي رحيم آبادي، فيه رد على شبلي فيما أورده على الحديث وأصحابه مكتبة مولانا ثناء الله الأمرتسرى إكيدمي ١٩٨٤ م / ١٤٠٤ هـ، ط / ٤.
(٣) ينظر سيرة النبي لشبلي النعماني: ١/ ٤٤ - ٤٧، ٥٧ - ٥٨.