للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برجسون (Borson)، واستفاد كثيرا من الفيلوسوفين المسلمين الجيلي (١) والرومي (٢) إلا أنه رأى برجسون في صورة الجيلي ورأى نيتشه في صورة الرومي، وحاول ربط التيارين المتضادين، التيار الفلسفي الغربي والتيار الصوفي الشرقي، وبمزج هذين المنهجين اخترع لنفسه منهجا جديدا معتمدا على عناصر المنهج الاستشراقي الغربي الوافد، ويعرض الدين على الفلسفة معتقدا بأن الفلسفة تتضمن تحقيقا حرا وتكشف عن جوانب الدين الكامنة (٣).

والحركة عند إقبال أساس الحياة والكون في مظهريهما الفردي والجماعي، فيرى أن هناك ارتباطا وثيقا بين حركة الإنسان وحركة الكون، والإنسان عندما يصل إلى ذروة هذه الحركة الارتقائية يتمكن بقواه الطبيعية من تسخير العالم، وعدم الحركة أو الجمود عنوان الهلاك للإنسان، والإنسان في سعيه المستمر بين الحياة والطبيعة، ولا ينبغي له الهروب من هذا السعي بحجة القدر أو الجبر، لأن القدر من حيث هو مسلّم، ولكنه ليس أمرا مبرما محتما سابقا، إنما قضاء الله وقدره يدور في دائرة تتسع لإمكانات متبادلة، فالإنسان ليس فقط حرّا في أن يختار ويسلك، بل إن له كذلك القدرة الكاملة على الخلق، ولذا وصف الله عز وجل نفسه بأنه {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} مما يعني وجود خالقين آخرين بجانب الله أنه الإنسان (٤).


(١) الجيلي (٤٧١ - ٥٦١ هـ) هو أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح عبد الله الجيلي الحنبلي الصوفي (سير أعلام النبلاء للذهبي ٢٠/ ٤٣٩ - ٤٥١).
(٢) ينظر لترجمة الرومى ص: ٦٣٤ في هذا البحث.
(٣) ينظر تشكيل جديد إلهيات إسلامية لمحمد إقبال ص: ٩٣ - ٩٤، وينظر هند وباك مين إسلامي جيديت لـ أ. عبد العزيز ص: ٢١٢ - ٢١٣.
(٤) ينظر أسرار خودي لمحمد إقبال، لاهور ١٩١٥ ص: ٢٦ - ٢٩، ٥٠ - ٥٤، وبال جبريل لاهور ١٩٤٢، ص: ٢٩ - ٤٠، ٥١ - ٨١.