للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المعروف أن إنكار القدر السبق وجعل الإنسان خالقا مع الله من الأمور التي قد توصل الإنسان إلى الشرك الأكبر (العياذ بالله)، فسيأتي الرد على هذا الفكر المنحرف في الفصول القادمة إن شاء الله (١).

وكلامه الشعري مع فكره الفلسفي قد يهيم به في كل واد حتى مدح الشيطان بأن لديه قوي متحركة، وهو في سعيه المستمر، وينبغي للإنسان أن يكسب حظا ونصيبا من هذا السعي المستمر (٢).

ويذهب في تعريف الدين مذهب المستشرق وايت هيد (whitehead) بأنه عبارة عن سلسلة من حقائق، إذا قبلها المرء وصدّقه وفهمه حق الفهم تتغير به حياته وسلوكه، ومن ثم يري إقبال أنه إذا كان هذا هو تعريف الدين فليكن الدين على أساس عقلي أقوي وحقائق أعلى من حقائق العلم الحديث (٣).

ويستحسن المنهج العقلاني ويمدح الغزالي بأنه استخدم هذا المنهج وقلده كانت (Kant) فعرض الدين على المنهج العقلاني في القرن الثامن عشر الميلادي، ويستخدم إقبال هذا المنهج في إثبات الحياة بعد الممات (البعث بعد الموت)، فيري أن في هذا العصر المادي لا تطمئن النفس مع الأدلة الغيبية، فلا بد من الاحتجاج بالأدلة العقلية، فمن هذه الأدلة ما قدمه كانت الذي يرى أن يكون هناك يوم يجد فيه المرء العدل الكامل.

ثم يثير إقبال -بعد هذا الاعتراف باليوم الآخر- بعض التساؤلات حول هذه العقيدة: لماذا هذا الزمن غير المنتهي للمجازاة بالسعادة والسرور على الأخلاق الفاضلة؟ وكيف يمكن الله أن يوجد اتصالا بين هذه التصورات المتبادلة؟ ثم يبحث


(١) ينظر ص: ٢٣٧ في هذا البحث.
(٢) ينظر جاويد نامة لمحمد إقبال لاهور ١٩٣٥ ص: ١٥٧ - ١٥٨، وبيام مشرق لمحمد إقبال لاهور ١٩٢٣، ص: ٩٧ - ٩٨، وبال جبريل لاهور ١٩٣٥، ص: ١٩٢ - ١٩٤.
(٣) ينظر تشكيل جديد لإقبال ص: ٢٠٣.