للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسيرته صلى الله عليه وسلم العطرة كانت فعالة ومؤثرة لما فيها من صفاته الخَلقية والخُلقية، فما رآه أحد إلا قال فيه إن هذا الوجه وجه صادق وكان حلمه ولينه وعفوه وكرمه وصدقه وحكمته وشجاعته من أقوى مؤثرات قد تأثر بها أقوام وآمنوا به، والأمثلة في ذلك كثيرة لا تحصى، فقد تأثر بحلمه ذلك اليهودي الذي أقرضه ليختبر حلمه وآمن به، وتأثر بكرمه ذلك الأعرابي الذي حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم مالًا كثيرًا من الغنائم فأعلن بكرمه في قومه فدخلوا في الإسلام جميعًا (١)، وقد تأثر بعفوه وسماحته أهل مكة يوم فتح مكة فدخلوا في دين الله أفواجًا، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (٢).

وقد شهد بفاعلية الإسلام في دوره الأول المستشرقون أنفسهم يقول "ولفرد بلنت" (wilfred Blunt): " ربما لم يكن هناك على مدى تاريخ الإنسان الطويل كله حادث أشد حيرة من حادث الإسلام حيث انتشر بسرعة غير عادية، فمن كان يتصور أن شخصًا في وسط عمره بعد أن كان تاجرًا في مكة أو كان رائدًا لقافلة التجارة، وقد أخرج من بلده سنة ٦٢٢ م، واضطر إلى أن يأوي إلى أهل المدينة، أسس دينًا قد انتشر بعد موته خلال مأة سنة في نصف العالم المثقف (المحضر) ففي الغرب إلى قلب فرنسا، وفي الشرق بعد أن تجاوز نهر السند إلى ديار الصين" اهـ (٣).


(١) ينظر السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ١٠٠، والبداية والنهاية لابن كثير ٤/ ٣٦١.
(٢) سورة النصر: ١ - ٣.
(٣) مجلة الرسالة عدد مارس ١٩٨٧ م ذي الرقم ١٢٤ ص: ٢٤ نقلا عن the times of londen April ٢ - ١٩٧٦