للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجب علينا أن نلتزم به، ولكن الشأن كل الشأن أن يكون هذا من لازم كلام الله ورسوله، قد يمتنع أن يكون لازمًا فإذا ثبت أنه لازم فليكن، ولا حرج علينا إذا قلنا به.

ثم نقول: ماذا تعنون بالجسم الممتنع؟

إن أردتم به أنه ليس لله ذات يتصف بالصفات اللازمة لها اللائقة بها، فقولهم باطل لأن لله ذاتًا حقيقية متصفة بالصفات، وأن له وجهًا ويدًا وعينًا وقدمًا ....

وإن أردتم بالجسم الذي قلتم يمتنع أن يكون الله جسمًا: الجسم المركب من العظام واللحم والدم وما أشبه ذلك، فهذا ممتنع على الله وليس بلازم من القول بأن استواء الله على العرش علوه عليه.

ثامنا: أما قولهم: إنه يلزم أن يكون محدودًا، فجوابه أن نقول بالتفصيل: ماذا تعنون بالحد؟ إن أردتم أن يكون محدودًا أن يكون مباينًا للخلق منفصلًا عنهم كما تكون أرض لزيد وأرض لعمرو، فهذه محدودة منفصلة عن هذه، وهذه منفصلة عن هذه فهذا حق ليس فيه شيء من النقص.

وإن أردتم بكونه محدودًا: أن العرش محيط به فهذا باطل وليس بلازم، فإن الله تعالى مستو على العرش وإن كان عز وجل أكبر من العرش ومن غير العرش" اهـ (١).

واستواء الرب على العرش استواء خاص لا يماثله استواء شيء من مخلوقاته والعرش لا يُقله أبدًا وهذه الشمس والنجوم من مخلوقاته وهي فوق الأرض، ولكن الأرض ليست محيطة بها بل هي أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة، فالخالق العلي العظيم وسع كرسيه السموات والأرض، والأرض جميعًا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمنه فكيف يحيطه العرش الذي هو أحد من مخلوقاته، صدق الله حين قال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (٢).


(١) شرح الواسطية: للشيخ ابن عثيمين ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٢) سورة الزمر: ٦٧.