للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (١).

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٢).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته" اهـ (٣).

هذه وغيرها من النصوص الواردة في صفة المعية والقرب (٤) قد ضلت عامة الحلولية في الاستدلال بها، وقالوا: وإذا كان الله معنا، فنحن لا نفهم من المعية إلا المخالطة والحلول أو المصاحبة في المكان (٥).

وعلى ذلك تتعين الشبهة فيما يلي:


(١) سورة ق: ١٦.
(٢) سورة الحديد: ٤.
(٣) صحيح البخاري مع الفتح: ١١/ ٣٤٠ - ٣٤١ (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) هذه النصوص تدل على صفة المعية والقرب فكانت هي موضع تمسك وفتنة لعامة من ذهب إلى فكرة الحلول والاتحاد والفناء، وسيأتي بيان شامل على توجيهات السلف وفهمهم السليم لآيات المعية في ضوء نصوص الاستواء ونصوص العلو والفوقية إذ أن من أصول المنهج السني الرجوع إلى جميع النصوص الواردة في مسألة ما وعدم الاقتصار على بعضها دون البعض الآخر، ومن خالف هذه القاعدة فقد ضل، وسيأتي بيان بطلان الاستدلال بها وما تدل عليه النصوص من الاستدلال الصحيح. ينظر ص: ٢٨٥ في هذا البحث.
(٥) ينظر استدلال العراقي بهذه الآيات في تشكيل جديد لإقبال ص: ٢٠٧ - ٢٠٨.