للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأكيد جريء لدوامها في شخصية أعمق بعبارة قوية باقية على الدهر، وتبدو عبارة الحلاج كأنها كانت تحديًا للمتكلمين" اهـ (١).

والعبارة لا تحتاج إلى مزيد من التعليق ففيها دلالة واضحة على أن إقبالًا ترك حكم علماء الإسلام على قول الحلاج بأنه شرك، وتمسك تفسير المستشرق بأنه ليس بشرك إنما هو تمجيد للإنسان.

ومن البواعث التي حملته على هذا الانحراف استناده إلى بعض الاستدلالات الخاطئة التي ذهب إليها العراقي (٢) في إثبات المكان اللطيف في هذا الكون، فعلى سبيل المثال نذكر بعض الآيات القرآنية التي استدل بها العراقي وما يشابهها من النصوص التي قد يستدل بها عامة الحلولية الاتحادية.

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٣).

وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (٤).


(١) تجديد الفكر الديني في الإسلام لإقبال: ترجمة عباس محمود مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة ١٩٥٥ هـ ص: ١١٠، وهذه العبارة غير مترجمة إلى اللغة الأردية فأخذتها من العربية.
(٢) هو ركن الدين أبو الفضل العراقي ابن محمد ابن العراقي القزوني الطاووسي المتكلم صاحب الطريقة المشهورة في الجدل، كان رأسًا في الخلاف والنظر، أخذ عن الرضي النيسابوري الحنفي صاحب الطريقة، مات سنة ٦٠٠ هـ (سير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٥٣) فذهب إقبال مذهبه في إثبات المكان اللطيف لله عز وجل كما أشرنا إليه في منهجية إقبال. ينظر ص: ١٩٥ في هذا البحث.
(٣) سورة المجادلة: ٧.
(٤) سورة يونس: ٦١.