للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سادسا: أن يقال (لهم): هل للرب تعالى ماهية متميزة على سائر الماهيات يختص بها لذاته أم تقولون لا ماهية له، فإن قلتم: بالثاني كان هذا إنكارًا له سبحانه وجحودًا وجعله وجودًا مطلقًا لا ماهية له، وإن قلتم: بل له ذات مخصوصة وماهية متميزة عن سائر الماهيات قيل لكم: ماهيته وذاته سبحانه غير متناهية بل ذاهبة في الأبعاد إلى غير نهاية أم متناهية، فإن قلتم: بالأول لزم منه محالات غير واحدة (١)، وإن قلتم: بالثاني بطل قولكم، ولزم إثبات المباينة والجهة وهذا لا محيد عنه (٢).

سابعًا: أنه ليست كل معية تقتضي المخالطة والمصاحبة بل المعية لها ثلاث إطلاقات:

الأول: معية تقتضي المخالطة مثل أن يقال اسقوني لبنًا مع ماء أي مخلوطًا بماء.

الثاني: معية تقتضي المصاحبة في المكان مثل أن يقال وجدت فلانًا مع فلانٍ أي يمشيان جميعًا وينزلان جميعًا.

الثالث: وهناك معية لا تقتضي الاختلاط ولا المشاركة في المكان، مثل أن يقال فلان مع جنوده، وإن كان هو في غرفة القيادة إنما يوجههم ولا يشاركهم في المكان (٣).

ثامنا: إن التفسير الصحيح الوارد عن السلف في فهم وشرح النصوص الدالة على القرب والمعية (٤) نفسه أكبر دليل على بطلان استدلال الحلولية والاتحادية.

فالتفسير الصحيح كما يلي:


(١) كما قال الرازي: "وإن كان غير متناهٍ فهذا محال لأن القول بإثبات بعد لا نهاية له باطل بالبراهين اليقينية .... (التفسير الكبير للرازي ٧/ ١٢).
(٢) الصواعق المرسلة لابن القيم: ٤/ ١٣٢٢.
(٣) ينظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن العثيمين: ١/ ٤٠٨.
(٤) قد سبق أن ذكرنا النصوص بالتفصيل في مقدمة هذا المطلب، وهنا نذكر تفسيرها الصحيح.