للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "نحن نحيى ونعيش في ذات الإله" اهـ (١) وقد يقول: "الحياة الإلهية مكان لطيف في هذا الكون" اهـ (٢).

فنسأل إقبالًا أين الله؟ فهل هو في الإنسان؟ أو الإنسان في الإله؟ هل هو في الكون؟ أو الكون في الإله؟ العقول الصحيحة والفطر السليمة كلها ترفض جميع الأقوال ولا ترضى إلا بما رضي به رسول الأمة من أَمةٍ حين سألها "أين الله؟ " فأجابت فطرتُها السلمية من شوائب الفلسفة وعلم الكلام بقولها: "هو في السماء" فحكم بأنها مؤمنة (٣).

ثانيا: "أنه ثبت بضرورة العقل أنه سبحانه وتعالى مباين للمخلوقات وثبت أن العالم كروي، كما اعترف به النفاة المعطلة، وجعلوه عمدتهم في جحد علوه سبحانه وتعالى، لزم أن يكون الرب تعالى في العلو ضرورة، وذلك لأن العالم إذا كان مستديرًا فله جهتان حقيقتان العلو والسفل فقط، فإذا كان الرب تعالى مباينًا للعالم، امتنع أن يكون في السفل، فوجب قطعًا أن يكون في العلو، فإذا كان العالم كرويًا وقد ثبت في الضرورة أنه إما مداخل له وإما مباين له، وليس بمداخل قطعًا، ثبت أنه باين قطعًا وإذا كان باينًا، فإما أن يكون تحته أو فوقه قطعًا، وليس تحته بالضرورة وجب أن يكون فوقه بالضرورة" اهـ (٤).

ثالثا: "أنه لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها، ولما كان الكرسي محيطة بالسماوات كان عاليًا عليها، ولما كان العرش محيطًا بالكرسي كان غاليًا عليها، فمن كان محيطًا بحميع ذلك، وهو رب العزة والجلال كان عاليًا عليه ضرورة ولا يستلزم ذلك مماثلته ومشابهته، فالسموات محيطة بالأرض وليست مماثلة


(١) تشكيل جديد لإقبال: ص: ١١٠.
(٢) ينظر تشكيل جديد لإقبال: ص: ٢٠٨.
(٣) ينظر صحيح مسلم مع الشرح: ١/ ٣٨٢ (٥٣٨).
(٤) الصواعق المرسلة لابن القيم: ٤/ ١٢٨٠.