للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها، فالتفاوت الذي بين العالم ورب العالم أعظم من التفاوت الذي بين الأرض والسماء، ولله المثل الأعلى، فلإحاطة تقتضي المباينة والمباينة تقتضي أن يكون في العلو وهو أشرف الجهات" اهـ (١).

رابعا: أنه ثابت له العلو والفوقية بالكتاب والسنة وإجماع الملائكة والأنبياء المرسلين وأتباعهم (٢) على الحقيقة على عباده فوقهم مستويًا على عرشه عاليًا على خلقه بائنًا منهم، يعلم أعمالهم ويسمع أقوالهم ويرى حركاتهم وسكناتهم لا تخفى عليه منهم خافية، والأدلة في ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى وأجل من تستقصى، وقد سبق أن ذكرنا بعضًا منها.

خامسا: "إنه قد ثبت بصريح العقل أن الأمرين المتقابلين إذا كان أحدهما صفة كمال والآخر صفة نقص فإن الله سبحانه يوصف بالكمال منهما دون النقص، ولهذا لما تقابل الموت والحياة وصف بالحياة دون الموت، ولهذا لما تقابل العلم والجهل وصف بالعلم دون الجهل وكذلك العجز والقدرة والكلام والخرس والبصر والعمي والسمع والصمم، والغني والفقر، ولما تقابلت المباينة للعالم والمداخلة له وصف بالمباينة دون المداخلة، وإذا كانت المباينة تستلزم علوه على العالم أو سفوله عنه، وتقابل العلو والسفول وصف بالعلو دون السفول" اهـ (٣).

سادسا: "إنه يقال لمن أنكر المباينة والعلو، أليس الله كان ولا شيء فيقول نعم، فقيل له: حين خلق الخلق خلقه في نفسه أو خارجًا من نفسه؟ فإنه يصير إلى


(١) الصواعق المرسلة لابن القيم: ٤/ ١٣٠٨.
(٢) قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: "إن كون الله سبحانه فوق سماواته على عرشه في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل (ذكره في كتاب الغنية كما في السلم للذهبي ١٩٣)، وقال ابن القيم رحمه الله: إن الرسل من أولهم إلى آخرهم ليس بينهم اختلاف في أسماء الرب وصفاته وأفعاله وإن تنوعت شرائعهم العملية بحسب المصلحة فلم يختلف منهم اثنان في باب الأسماء والصفات" (الصواعق المرسلة ٤/ ١٢٧٩).
(٣) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم: ٤/ ١٣٠٧.