للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة أقوال: لا بد له من أحد منها: إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه، فقد كفر حين زعم أنه خلق الجن والشياطين في نفسه، وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا أيضًا كفرًا، حين زعم أنه دخل في كل مكان وحشي قذر رديء، وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم لم يدخل فيهم (بل استوى على العرش) رجع قوله كله أجمع، وهو قول أهل السنة (هذا ما احتج به الإمام أحمد نفسه على الجهمية) (١).

سابعا: أنه قد "اتفقت الفطرة المستقيمة والعقل الصحيح والوحي المبصر المكمل على الإقرار بموجود فطر هذا العالم بجميع ما فيه عاليه وسافله وما بينهما، وشهدت الفطر والعقول والشرائع المنزلة كلها بأنه ليس من جنس العالم ولا مماثلًا له، وأنه مباين له غير ممتزج به ولا متحد به ولا حال فيه وأنه فوق جميع العالم عالٍ عليه بجميع أنواع العلو ذاتًا وقهرًا وعظمة، وأنه موصوف بجميع الكمال المقدس من لوازم ذاته، فتوهم رفعه عنه كتوهم عدم ذاته ومن لم يكن هذا الأصل معلومًا عنده علمًا لا يشك فيه ولا يرتاب بل لقلبه كالمشاهدات لبصره، وإلّا اضطرب عليه باب معرفة الله ووحدانيته" اهـ (٢).


(١) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم: ٤/ ١٣٠٩.
(٢) المرجع السابق ٤/ ١٢٧٨.