للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "إن الاستدلال بالقرآن المجيد على قول من أقوال هذه المسألة واعتباره مسألة من مسائل الإسلام المنزلة من الله خطأ من أخطاء العلماء المتقدمين" اهـ (١).

فالعبارة السابقة يريد بها السيد أن يلغي ركنا من أركان الإيمان الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، ومما لا شك فيه إن هذا انهزام أمام مزاعم وتحديات استشراقية، لأن المستشرقين قد أثاروا شبها كثيرة حول عقيدة القضاء والقدر.

فمن المزاعم الاستشراقية شبهة التعارض بين آيات تدل على مشيئة الله ونصوص دالة على مشيئة الإنسان التابعة لمشيئة الله تعالى، يقول جولدتسيهر: "وليس في الإسلام على ما نرجح مسألة مذهبية يمكن أن نستخلص من شأنها من القرآن تعاليم متناقضة كتلك التي نبحثها الآن:

فالعبارات الجبرية العديدة يمكن أن تعارض بعبارات النبي (صلى الله عليه وسلم) التي تدل على أن الله ليس هو الذي يضل النفوس بل هو الشيطان الرجيم العدو الغرور (سورة الحج: ٤٠، سورة فاطر، سورة فصلت: ٣٦، سورة زخرف: ٣٧، سورة المجادلة: ١٩) منذ عهد آدم (سورة البقرة: ٣٦ وسورة ص: ٨٣ وما يليها).

أما الذين كانوا يريدون أن يستندوا إلى نظرية أو مذهب حرية الإنسان التامة البعيدة عن تأثير الشيطان الرجيم، فكانوا كذلك يستطيعون أن يجدوا عددا كبيرا من الآيات الواضحة التي يمكن أن يؤخذ منها لرأيهم المعارض للجبر، فالحسنات والسيئات التي يأتي بها الإنسان قد سميت "بالكسب" فهي لهذا أعمال تمت بحرية كاملة (مثال ذلك سورة آل عمران: ٢٥، سورة المطففين: ١٤) " اهـ (٢).

ومن الشبهات التي أثارها المستشرقين حول قضية القضاء والقدر زعمهم: "أن الإنسان في التصور الإسلامي شخص عاجز فاقد لحرية الاختيار أمام إرادة الله


(١) تفسير القرآن للسيد ١/ ١٤.
(٢) العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص: ٩٠.