للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المهيمنة المسيطرة، كما قال سورديل (Sordel): والواضح أن القدرة الإلهية تسيطر على الوحي القرآني إلى حد أنها تخنق الحرية البشرية" اهـ (١).

وهذه وغيرها من الشبهات الاستشراقية التي قد أتيرت حول قضية الإيمان بالقضاء والقدر، فكان من المفروض أن يقف السيد وقفات عديدة، ويعطي توجيهات سليمة سديدة جريئة من منطلق المنهج السني، وهذا ما توقعنا من السيد الذي قيل عنه: إنه قد خاض البحر في الرد على المستشرقين (٢)، ولكنه انهزم انهزامًا تامًّا أمام تحدياتهم الاستشراقية، وحاول أن يسقط ركنا من أركان الإيمان الستة، فقال في موضع آخر: "من الأصول القديمة أن الإيمان والتوكل على قضاء الله وقدره والشكر له من واجبات المؤمن، بينما الأصول الجديدة تعرف القدر بأنه ما يقع حينا بعد حين ... "اهـ (٣). فأنكر أن تكون هناك آية في القرآن الكريم تدل على الجبر أو الخيار، فمثل السيد في هذا -إذا صح التعبير- كمثل النعامة تدس رأسها في التراب إذا رأت الصياد.

بل هناك آيات في القرآن تصف مشيئة الله المهيمنة وإرادته الكونية حيث يتبادر إلى الذهن أنها آيات الجبر، وهناك آيات تصف مشيئة الإنسان وإرادته الحرة حيث يتبادر إلى الذهن أنها آيات الخيار المطلق، وللعلماء توجيهات سليمة في فهم هذه الآيات فهما صحيحا.


(١) الإسلام لديمنك سورديل: ترجمة: خليل الجر، المنشورات العربية فرنسا، ص: ٣٦.
(٢) كما يقول السيد عن نفسه: "إنني قد قمت بالرد على سير وليم ميور وغيره من المؤلفين الغربيين الذين كتبوا حول السيرة النبوية، قد وقفت وقفة عند كل حرف ورددت عليهم ردا مقنعا ومحققا، ... وأعتبر هذه الرحلة العلمية إلى لندن تساوي عشرة حجات إلى بيت الله الحرام (ينظر حياة جاويد لحالي ص: ٤٢١).
(٣) سير سيد كي إسلامي بصيرت لجمال خواجة، نيو عليكره مومنت، عليكره الهند ط / ١، ١٩٨٧ م ص: ٣٦.