للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الإيمان بالقضاء والقدر ليس من معطيات الفلسفة اليونانية، ولا هو نتيجة الاتجاهات السياسية كما زعم إقبال ومن ذهب مذهبه، بل هو ركن من أركان الإيمان الستة الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قد أنزل الله عز وجل عديدا من الآيات القرآنية ليبين دعائم هذه العقيدة، وأرساها النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين بأقواله وأعماله، وقد أثمرت هذه العقيدة في حياة الصحابة في عهد النبوة وما بعد النبوة في عصر الخلفاء الراشدين وفي العهود التي أتت بعدهم.

ومما يدل على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه: "جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فنزلت {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} " اهـ (١) (٢).

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث جبريل قال (جبريل): فأخبرني عن الإيمان قال (رسول الله صلى الله عليه وسلم): "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره قال (جبريل): صدقت ... " اهـ (٣).

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو أن الله تعالى عذب أهل سماواته وأرَضيه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو كان لرجل أحد أو مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله لا يقبله الله عز وجل منه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإنك إن مت على غير هذا أدخلت النار" اهـ (٤).


(١) سورة القمر: ٤٨ - ٤٩.
(٢) صحيع مسلم مع الشرح ١٥ - ١٦/ ٤٤٤ (٢٦٥٦).
(٣) المصدر السابق: ١ - ٢/ ٢٧٢ (٢١).
(٤) كتاب السنة لابن أبي عاصم: ١ - ٢/ ١٠٩ (٢٤٥) قال الألباني: إسناده صحيح ورجاله ثقات.