للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (١). قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا عموم لا يخرج ولا يستثنى منه شيء من العالم، أعيانه وأفعاله وحركاته وسكناته، وليس مخصوصا بذاته وصفاته، فإنه الخالق بذاته وصفاته وما سواه مخلوقة له" اهـ (٢).

وذكر البيهقي رحمه الله قول الله تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٣). ثم قال: "فنفى (الله) أن يكون خالق غيره، ونفى أن يكون شيء سواه غير مخلوق، فلو كانت الأفعال غير مخلوقة لكان الله سبحانه خالق بعض الأشياء دون جميعها وهذا خلاف الآية، ومعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان، فلو كان الله خالق الأعيان والناس خالقي الأفعال لكان خلق الناس أكثر من خلقه ولكانوا أتم قوة منه وأولى بصفة المدح من ربهم سبحانه" اهـ (٤).

وفي الآية "ما" موصولة أي والله خلقكم وخلق معبوداتكم التي عملتموها بأيديكم، فهي مخلوقة له وليست شريكة معه، فأخبر أنه خلق معمولهم وقد خلق عملهم وصنعهم، ولا يقال: المراد مادته، فإن مادته غير معمولة لهم، وإنما يصير معمولا بعد عملهم" اهـ (٥).

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته" اهـ (٦).


(١) سورة الزمر: ٦٢.
(٢) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر لابن القيم: دار التراث، القاهرة ص: ١١٧.
(٣) سورة الرعد: ١٦.
(٤) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي: عالم الكتب، بيروت، ط/١، ص: ٩١.
(٥) شفاء العليل لابن القيم ص: ١٢٠.
(٦) خلق أفعال العباد للبخاري: ٤٢ (١١٧)، صحيح الحاكم: ١/ ٣١ - ٣٢ وصححه الحاكم.