للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: " .. إن أصل ضلال القدرية والجبرية (في هذا الباب) من عدم اهتمامهم إلى الفرق بين فعله سبحانه وتعالى وفعل العبد، فالجبرية جعلوا التعادي والتباغض فعل الرب دون المتعادين ومتباغضين، والقدرية جعلوا ذلك محض فعلهم الذي لا صنع لله فيه ولا قدرة ولا مشيئة" اهـ (١).

التحقيق ما عليه أئمة السنة وجمهور الأمة من الفرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق. فأفعال العباد مستندة إليهم وهم الفاعلون لها حقيقة وأنها تنسب إليهم، وتضاف إليهم، وهي مفعولة لله حقيقة ومخلوقة له، وليست فعلا له ولا يتصف بأنه فاعلها، لأن هناك فرقا بين الفعل والمفعول والخلق والمخلوق، فهي فعل العباد ومفعولة له سبحانه وتعالى" اهـ (٢).

كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (٣)، فالتسيير فعله، والسير فعل العباد، وهو أثر التسيير وكذلك الهدى والإضلال فعله والاهتداء والضلال أثر فعله، وهما أفعالنا قائمة بنا، فهو الهادي، والعبد الهتدي وهو الذي يضل من يشاء والعبد الضال، وهذا حقيقة وهذا حقيقة، الطائفتان (القدرية والجبرية) عن الصراط المستقيم ناكبتان" اهـ (٤).

رابعا: من جمع النصوص واستقرأها واتبع المنهج الصحيح الذي عليه أهل السنة والجماعة اهتدى إلى سواء السبيل، ومن نظر إلى مذهب الجبرية وحده أو إلى مذهب القدرية وحده فقد ضل، كما فعل إقبال فنظر إلى النصوص التي فيها حرية الإرادة للعبد فمال إلى قول المعتزلة القدرية، ومذهبهم في أفعال العباد يتضمن الإشراك


(١) شفاء العليل لابن القيم ص: ١٢٨.
(٢) ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية: ٢/ ١١٦.
(٣) سورة يونس: ٢٢
(٤) شفاء العليل لابن القيم ص: ١٢٨.