للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اختلاط مفهوم النبوة بمفاهيم أخرى مثل الكهانة والعرافة والتنبأ مما أدى إلى إطلاق لفظ "النبي" على كثير من الشخصيات التي لا تستحق ذلك، وقد تعدد أصناف الأنبياء في التاريخ الديني لبني إسرائيل فهناك أنبياء الطقوس والشعائر والمرتبطين بالهيكل وخدمته، وهناك ما يسمى بـ "الأنبياء المحترفين" الذين اتخذوا من التنبؤ حرفة لهم، وهناك طائفة "بني الأنبياء" الوارد ذكرهم في سفر الملوك الإصحاح رقم: ٣، ٢ وبسبب هذا التشعث في النبوة وأهدافها، ووظائفها ظهرت طائفة من المدعين للنبوة باسم "الأنبياء الكذبة" في بني إسرائيل ... " اهـ (١).

فالنبوة في مفهوم اليهود والنصارى تكسب في الغالب بالتعلم، ولها مدارس خاصة، لا يخرج التلميذ منها إلّا وقد حلّ عليه روح القدس وتنبأ، هكذا يتقولون، فجاء في قاموس الكتاب المقدس "وكان الله يختار من بين هؤلاء التلاميذ (تلاميذ المدارس الخاصة من أولاد الأنبياء) عددا ويقبلهم أبناء له ليعلموا الشعب بما يريده منهم، ويختصهم بوحيه" اهـ (٢).

ولا عجب إذن أن يختلط أمر النبوة على اليهود والنصارى فيضمون إلى قائمة النبوة بعض أصحاب الرأي والمتنبئين والعرافين والكهنة والسحرة وغيرهم.

ولكن الأمر في الإسلام واضح جدا، فقد ختمت النبوات والرسالات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٣)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كانت بنو إسرائيل يسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا بيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم،


(١) ينظر أرميا ١: ٨، ٩، ٢٩ نقلا عن ظاهرة النبوة الإسرائيلية للدكتور محمد خليفة حسن أحمد ص: ٧، ٣٠٧.
(٢) قاموس الكتاب المقدس لنخبة من ذوي الاختصاص ومن اللاهوتيين ص: ٩٤٩.
(٣) سورة الأحزاب: ٤٠.