للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الله سائلهم عما استرعاهم" اهـ (١)، والذي يدعي النبوة لنفسه أو يزعم النبوة لأحد من الخلق بعد هذا التصريح الصريح فهو كذاب ودجال.

ثانيا: لو كانت النبوة حرفة كأي حرفة أخرى يكتسبها المرء بمجاهدات شخصية، أو هي ملكة فطرية توجد في ذات النبي كوجود أي ملكة إنسانية أخرى، فلماذا خاف وارتجف عند ما نبئ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنبوة سماوية؟ كما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ... "فجاءه الملك فقال اقرأ ... ثم غطني الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهبت عنه الروع" اهـ (٢).

ثالثا: أنه وردت هناك أمور في الحديث الصحيح على لسان هرقل الملك النصراني الجزاء الذي كان ينظر في النجوم، فيعرف بها النبوة الصادقة من النبوة الكاذبة، فالنبوة الصادقة هي منة من الله لا يعطيها الله إلّا من كان ذا نسب كريم، ولا تكون النبوة توارثا، ولا تقليدا لأحد، والنبي الصادق لا يريد من نبوته ملكا لآبائه والنبي لا يكون كذابا، ويتبعه ضعفاء الناس، وهم يزيدون ولا ينقصون، ولا يرتدّ أحد بعد أن دخل في دينه، ولا يغدر، ويأمر بالتوحيد، وينهى عن الشرك، ويأمر بالصلاة والصدق والعفاف (٣).

أما النبوة الكاذبة فتكون مكتسبة، ويدعي صاحبها تقليدا لمن سبق بهذا الادعاء، ويهدف من ورائها المُلك والسلطة، ويكون كذّابا، ويتبعه أشراف الناس، وهم ينقصون ولا يزيدون، وبعد أن عرفوا كذبه يرتدون، ويغدر الكذاب، ويأمر بالشرك، ولا يأمر بالصلاهَ والصدق والعفاف.


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ٦/ ٤٩٥ (٣٤٥٥).
(٢) المصدر السابق: ١/ ٢٢ (٣).
(٣) ينظر علامات الأنبياء التي يُعرفون بها عند ابن تيمية في كتابه النبوات ص: ١٦٥.