للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما رواها ابن عباس رضي الله عنه "أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام ... (حتى قال) قال (هرقل) لترجمانه: قل إني سائل هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه ... (ثم قال): فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أن أخلص إليه لتشجعت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه" اهـ (١).

رابعا: لا ندعي أن هذه الحقائق غابت عن ذهني السيد وإقبال، وكذلك لا نتهمهما بأنهما كذّبا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بل نحسن بهما الظن، ونقول إنهما كانا ممن دافع عن الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فكان لزاما عليهما أن يقفا وفقات مع كل مستشرق ومكابر في إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان على السيد أن يفرق بين النبوة الصادقة والنبوة الكاذبة، وأن يربط النبوة الصادقة بما وراء الغيب من وحي وجبرئيل وكلام من الله عز وجل، ولكنه قد أنكر هذه الحقائق الثابتة من الكتاب والسنة وأولها بتأويلات باردة، فإنكار هذه الإيمانيات الصادقة كفاه ردا على الفرية التي افتراها بقوله إن النبوة ليست منحة إلهية.

وأما إقبال إذا كان يعرف الحقائق المذكورة كان لزاما عليه أن لا يقيس النبوة التي هي منحة إلهية بما اخترعه من عند نفسه من الشطحات الصوفية، والمكاشفات الشيطانية التي سماها الكشوفات والواردات والاتحاد.


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ١/ ٣١ - ٣٢ (٦).