للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (١) على أن عيسى خُلق بدون أب لأن اليهود لم يخاطبوا بهذا الكلام، ولم يكن أحد يتهمها بالفاحشة، ولا في الآية إشارة إلى ذلك، فقوله تعالى: {فَرِيًّا} معناه: بديع وعجيب ... (٢).

فنسأل السيد فلماذا هذا التناقض في صفحات قليلة؟ ثم ماذا يقول السيد في قوله تعالى وهو أصدق القائلين: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} (٣).

ثالثا: إذا كانت الأناجيل نسبت عيسى إلى أبيه، وأنه يوسف، ففي الأناجيل ما ينافيه، يقول متى: "ولد عيسى هكذا: عندما خطب يوسف مريم ولم يجتمعا فإذا بمريم حبلت بروح القدس، ويوسف الذي كان صالحا لم يرد أن يشتهر الأمر فأراد أن يتركها خفيا، ريثما يفكر في ذلك إذ رأى رؤية في المنام أن الملك قال ليوسف ابن داود، لا تتردد من إحضار زوجتك مريم لأن الذي في بطنها هو روح القدس" اهـ (٤).

رابعا: إذا كانت ولادة عيسى من نطفة يوسف، وكانت ولادته في شريعة اليهود لا عيب فيها، فلماذا أراد يوسف أن يتركها وهو يعلم أن الحمل كان من فعله على حدّ قول السيد. وإذا قيل إن الخوف الشديد قد أصاب يوسف من أجل أن الولادة كانت خلاف العادة حيث حبلت مريم من نطفة يوسف قبل إحضارها إلى بيته، نقول: فلماذا سكت يوسف عن الجواب عند ما قال له الملك: "إن في الرحم روح القدس"؟ فهل تحولت المخافة إلى العادة بقول الملك هذا؟ ولماذا لم يصدق يوسف في هذا المقام وهو رجل صالح كما وصفه إنجيل متى؟ ولماذا لم يقل للملك: إن الندامة والخجل لم يرتفع بقولك بأنه روح القدس إذ أن الندامة كانت على أن الأمر صار خلاف العادة، وها أنا لم أكمل إجراءات الزواج بعد؟ .


(١) سورة مريم: ٢٨.
(٢) ينظر تفسير القرآن للسيد: ٢/ ٢٠، ٣٢.
(٣) سورة النساء: ١٥٦.
(٤) إنجيل لوقا: ١/ ٢٦.