للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي ذكرناه قليل من الكثير الذي نجده في كتبه من هذا الباب، فقد أوردنا هنا نماذج من تلك التحريفات خوفا من الإطالة.

ولإنكار الآيات البينات سببان عند السيد، وهما مبدءان من مبادئ التأثر بالمنهجية الغربية الاستشراقية.

السبب الأول: الإيمان بحتمية قوانين الطبيعة مع إنكار كل ما يخالفها أو إنكار كل ماله ارتباط بالغيبيات.

والثاني: اعتماده على كتابات المستشرقين في شرح معتقدات إسلامية.

ففي ضوء المبدأ الأول نسأل السيد، فهل المعجزات خارقة للطبيعة التي فطر الله عليها كل شيء؟

ومما لا شك فيه أن المعجزات خارقة للعادة أو الفطرة أو الطبيعة التي أطلعنا الله عليها، ولكنها لا تخرج ولن تخرج من قانون الفطرة الذي قال الله فيه: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} فهي السنة الكونية. مثلا: من العادة أن تكون للشاة أربع أرجل وعينان في طرفي رأسها، ولكن قد تولد شاة لها عين على جبهتها أو لها خمس قوائم، فهل معنى ذلك أنها خرقت الفطرة التي فطر الله عليها كل شيء؟

الجواب لا ولن تجد لسنة الله تبديلا، فلا بد من أن يكون هناك قانون لهذه الشاة العجيبة الخلق، ونحن لم نطلع عليها، وكذلك الآيات والمعجزات والكرامات فلا بد من أن يكون لها قانون فطري أو السنة الكونية، ونحن لم نطلع عليها، وعلى هذا الأساس قلنا إن الآيات والمعجزات خارقة للعادة (١).

والسيد نفسه معترف بهذا الأساس فيقول: "ومما لا شك فيه أن قوانين القدرة جميعها غير معلومة عندنا، والقدر الذي نعلمه من قوانين الفطرة قليل جدّا ... ولذلك إذا رأينا غرابة في أمر ما، وثبت وقوعه بالأدلة، ووقوعه إذا لم ينطبق مع القانون


(١) ينظر تفسير ثنائي للأمرتسري ص: ٧٣٥.