للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعلوم لدينا، علمنا أنه ليس فيه خداع ولا مكر من الثبوت، فلا بد من أن نسلم أن هناك قانون القدرة لوقوع هذا الأمر ونحن لا نعلم كنهه" اهـ (١).

ويقول الشيخ ثناء الله الأمرتسري رحمه الله: "المعجزة خارقة للعادة من العادة المعروفة، ولكنها في الحقيقة ليست خارقة للعادة الكونية، إذ أن لها ارتباط بالنبوة، كما أن للنبوة قانونا غير معروف لدينا، وبدون هذا القانون فلا يمكن أن تستمر سلسلة النبوة العظيمة، وكذلك لا بد من أن يكون للمعجزة قانون وكيفيته غير معروف لدينا.

فالمسلمون كلهم وفيهم سيد أحمد خان يعتقدون أن النبوة انتهت بنبوة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وكذلك ظهور المعجزات له ارتباط بقانون لا ندرك حقيقته، والمعجزات من لوازم النبوة، ويأتي هذا القانون عند رفض وإنكار المخالفين وإصرارهم على الرفض، فإذا جاء وقته أمر الله تعالى: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} فظهوره كان كظهور أمر الله تعالى: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} فلا فرق بينهما.

والنبي لا يعلم أنه سيكون نبيا قبل بعثته، والله يعلم حيث يجعل رسالته، وكذلك المعجزة لا يعلمها النبي متى تصدر منه بل لا يعلم حقيقتها إلّا عند صدورها أو إذا علّمه الرب إياها علمها، حيث خاف موسى على نفسه عند ما تحول العصا إلى حية تسعى، فال تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} (٢).

فالمعجزة سميت معجزة لأن فيها إعجازا، فيعجز غير النبي عن صدور المعجزة على يديه، فالنبي يأتي بالمعجزات بإذن من الله، فقانون الفطرة الذي جاء على وفقه المعجزة لن يسمح لغير النبي أن يصدر منه المعجزة.

فإذا ثبت هذا: أن المعجزة لها قانون سيوافقنا السيد عند ما يقول: "المعجزات والكرامات إذا أريد بها أنها خارقة لقانون الفطرة فنحن ننكرها، وإذا أريد بها أنها تقع مطابقة لقانون الفطرة فنحن وأنتم لا نزاع بيننا إلّا نزاع لفظي، إذ أننا نقول بوقوع هذا


(١) تفسير القرآن للسيد: ٣/ ٣٤.
(٢) سورة العنكبوت: ٥٠.