للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر ونسلم من صدر منه هذا الأمر ولا نسميها معجزة ولا كرامة، نعم الوفاق وحبذا الاتفاق مهما اختلفنا في الاسم اتفقنا في الموضوع" اهـ (١).

وقد يكفيه ردّا هذا الاتفاق ولكن ذكرناه على سبيل المناقشة والتحليل، وسيأتي الرد مفصلا عند تفنيد الشبهة إن شاء الله.

وأما المبدأ الثاني: اعتماد السيد على كتابات المستشرقين فقد ثبت ذلك بما يلي: يقول السيد: "عند عبور بني إسرائيل البحر الأحمر لم يكن البحر عميقا جدّا كما نراه اليوم، ولم نجد خريطة البحر الأحمر القديم زمن بني إسرائيل، وقد وصل إلينا من حسن حظنا أقدم خريطة قد أعدّها المستشرق اليوناني بطلميوس (Ptolemy) (٢)، فإذا نظرنا هذه الخريطة يظهر لنا أنه كانت في البحر الأحمر ثلاثون جزيرة، وأن المكان الذي عبر منه بنوا إسرائيل كان فيه مدّ وجزر. وهذا دليل على أن البحر الأحمر لم يكن قهّارا كما نراه اليوم، ويراه علماء الإسلام منذ اثنتي عشرة سنة" اهـ (٣).

وهنا نسأل السيد: فهل كان البحر سهلا ولم يكن قهارا لبني إسرائيل وقهارا لفرعون وجنوده؟ وظاهرة المد والجزر هذه مجرد افتراض بشري، فكيف بالسيد وهو يدعي الأعيان الأصح، كيف به يأخذ بالافتراض البشري ويترك الخبر الموثوق به خبر القرآن.

وكذلك نرى السيد عندما يستند إلى كتابات المستشرقين يتغافل عن أصول التحقيق، ومن المعروف عند المحدثين والمحققين أن أوثق الروايات رواية شهود العيان


(١) تفسير القرآن للسيد: ٣/ ٣٨.
(٢) بطلميوس (Ptolemy): مستشرق يوناني الذي كتب جغرافية البحر الأحمر قد عاش في مصر في القرن الثانى الميلادي، وهذا العهد بعد عبور بني إسرائيل بألفين وسبعمائة سنة (تفسير القرآن للسيد: ١/ ٨٦).
(٣) تفسير القرآن للسيد: ١/ ٨٦.