للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالصة، فكذلك القرآن كان ناقصا غير شامل لمقتضيات الحياة فاحتاج المسلمون إلى إيجاد السنة ثم إلى الإجماع ثم إلى القياس.

ولا شك أن هذا الكلام وإن كان صحيحا مع الديانات الأخرى، فإنه خطأ منهجي مع الإسلام، لأن الإسلام لم يكتمل في مجرى التطور كما هو شأن الأديان الباطلة، إنما هو اكتمل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

وأما التطور الذي حدث في التشريع الإسلامي هو شرح وتوضيح لما ورد في القرآن والسنة.

ثانيا: إن القرآن شامل لكل ما يحتاج إليه الإنسان إلى قيام الساعة من عقيدة وأحكام دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية، وإن القرآن في حجمه الصغير قد أعطى خطوطا عريضة لكل ما يحتاجه إليه الإنسان، وهو كلام الله المعجز الخالد المهيمن ولم يفرط فيه من شيء، قال الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}.

وقد وضع بعض العلماء الآيات القرآنية في موضوعات يحتاج إليها الإنسان، لم يخل حَقل من حقول هذه الموضوعات إلّا وفيها حكم من أحكام الله قد ذكر في القرآن، وأحسن تأليف في هذا الموضوع: "تقابل ثلاثة (توراة- إنجيل- قرآن" للشيخ ثناء الله الأمرتسري (٢)، وقد قسم الشيخ حاجيات الإنسان إلى موضوعات تالية: إثبات واجب الوجود، ودعوى التوحيد ودلائله، أسماء الله وصفاته، أحكام العبادة الشرعية، الأخلاق العامة، تدبير المنزل، القوانين العسكرية والسياسية، أحكام القتال، أحكام الصلح، أحكام القيامة، طريق النجاة.

وقد أثبت الشيخ في هذا المؤلف شمولية القرآن وهدايته في كل مجال، وقارن بينه وبين التوراة والإنجيل فبين نقص الكتب السابقة وحاجتها إلى القرآن.


(١) سورة المائدة: ٣٠.
(٢) طبعته ونشرته مكتبة مولانا ثناء الله الأمرتسري دلهي الهند، ١٩٨٧ م، وهو كتاب قيم يجدر العناية به في الدراسات المقارنة.