للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: وأصل الخطأ قد جاء عند هؤلاء المستغربين لتفريقهم بين القرآن والسنة، إذ أن السنة جاءت شرعًا وبيانًا لما ورد في القرآن من أحكام مجملة، قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (١) فمن أراد الإسلام بدون سُنّةٍ فقد ضل، وعاب الإسلام، واتهم القرآن بأنه ناقص.

والنصوص في ذلك كثيرة جدًا قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) والرسول صلى الله عليه وسلم قد يأمر بشيء وقد ينهى عن شيء قد لا تجد ذكره في كتاب الله، ولكن الصحابة اعتبروه من كتاب الله مستدلين بالآية السابقة.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمنتصمات والمنفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل، قال: فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب، فجاءت إليه فقالت: بلغني أنك قلت كيت وكيت قال مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله تعالى، فقالت إني لأقرأ ما بين لوحيه فما وجدته، فقال إن كنت قرأته فقد وجدتيه أما قرأت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} قالت بلى: قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه" اهـ (٣).

رابعا: والقاعدة التي تقررت من منهج أهل السنة والجماعة هو الإيمان باشتمال الكتاب والسنة على أصول الدين وأمور الدنيا، قال ابن القيم رحمه الله: إن النصوص (الكتاب والسنة) محيطة بأحكام الحوادث لم يُحِلْنا الله ورسوله على رأي ولا قياس، بل بين الأحكام كلها والنصوص كافية وافية (٤).


(١) سورة النحل: ٤٤.
(٢) سورة الحشر: ٧.
(٣) رواه أحمد: ١/ ٤١٧.
(٤) أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم: ١/ ٢٥٤.