للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعا: اعتبار القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع وإخراج السنة من نظام الشريعة" اهـ (١).

ولم تنحصر هذه الفتنة فيمن تأثر بالمستشرقين مثل سيد أحمد خان وجراغ علي وأمير علي وإقبال بل تعدت إلى العلماء الكبار الذين لهم جهود طيبة في نشر الدعوة الإسلامية والدفاع عنها، فأثاروا شبها حول منهج المحدثين في تحقيق الروايات فتشابهت شبهاتهم وشبهات المستشرقين والمستغربين، ونذكر هنا على سبيل المثال: من هؤلاء العلماء الكبار شبلي النعماني رحمه الله: فيرى ترجيح الدراية على الرواية، وترجيح فتوى عقلية لعالم من العلماء على الحديث الثابت الصحيح، والاهتمام بمتن الحديث في النقد أكثر من نقد الرواة وعددهم، فرفض على هذا الأساس معظم الأحاديث الثابتة سندا، منها ما يرى مخالفا للعقل أو مخالفا لدراسته الطبيعية أو مخالفا لمشاهدته الجغرافية أو مخالفا لنص القرآن في الظاهر أو مخالفا للإجماع المزعوم عند الفقهاء .... وإلى غير ذلك من المخالفات (٢).

ومن هؤلاء العلماء الكبار الأستاذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله فيقول: "وأما الإسناد فالمحدثون قد بذلوا قصارى جهدهم ليعرفوا أمورًا، منها: هل ثبتت المعاصرة بين الراوي والمروي عنه؟ وهل ثبت اللقاء بينهما؟ وإذا ثبت اللقاء فهل سمعه منه تلك الرواية أو سمع من غيره ونسبها إليه ومهما كان هذا البحث والتحقيق فلم يخرج من حدود القدرات البشرية.

ولا يستلزم من هذا التحقيق أنهم قد أدركوا الأمر على حقيقته، لأنه من الممكن جدًا أن الإسناد الذي يقولون باتصاله قد يكون منقطعًا في حقيقة الأمر، لأنه من الممكن جدًا أن يكون قد سقط راو مجهول ليس بثقة وهم لا يدرون، وهكذا من الممكن جدًا أن الروايات التي أقرَّها المحدثون بأنها مرسلة ومعضلة ومنقطعة وحكموا


(١) فتنة إنكار الحديث في شبه القارة الهندية الباكستانية لـ د. سمير عبد الحميد مكتبة دار السلام الرياض، ط/١، ١٤١٢ هـ ص: ٢ - ٢٩.
(٢) ينظر سيرة النبي للشبلي النعماني: ١/ ٤٤ - ٥٧، ٤٨ - ٥٨.