للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها بأنها ضعيفة قد تكون قد جاءت من الرواة الثقات وهى صحيحة والمحدثون لا يدرونها. نظرًا إلى هذه وغيرها من الاحتمالات الكثيرة نقول: إن علم الإسناد وعلم الجرح والتعديل لا يمكن أن يقال إنه علم صحيح كليًا، إنما يستعان به في تحقيق السنة النبوية وآثار الصحابة، ولكن لا يصح الاعتماد الكلي على هذا العلم" اهـ (١).

وقال أيضًا: "كان موضوع المحدثين رحمهم الله وشغلهم الشاغل تحقيق الأخبار والآثار نظرًا إلى الرواية، فغلبت عليهم وجهة نظر الأخباريين، وكانوا يحكمون بصحة الرواية وعدمها معتمدين على الإسناد ورجال السند فقط، ولذلك تغيّبت عنهم نظرة فقهية، فترى أكثر الروايات التي قالوا بصحتها ليست صالحة من حيث المعنى، وكثير من الروايات التي قالوا بضعفها تراها صحيحة من حيت المعنى" اهـ (٢).

بعد أن نقد منهج المحدثين في تحقيق الرواية، وضع المودودي منهجًا جديدًا، لتحقيق الروايات فيقول فيه: "إذا اتحدت روح المسلم بروح محمد صلى الله عليه وسلم، ونظره ببصيرة محمد صلى الله عليه وسلم ينصهر عقله في بوتقة الإسلام، فيرى ما يراه الإسلام ويفكر بفكرة الإسلام، وإذا بلغ المرء إلى هذا المقام فلن يحتاج إلى إسناد فى قبول الرواية، وإن استعان به فلا يكون حكمه على الحديث متوقفا عليه، إذ أنه قد يقبل حديثًا مهما كان غريبًا أو ضعيفًا أو منقطع السند أو مطعونًا فيه. لأن نظره الثاقب قد اطلع على لمعان الجوهرة من بين تلك الأحجار المهجورة، وقد يعرض طرفه من قبول حديث متصل السند لأنه يعرف أن الخمر المعنية التي ملئت بها هذه الكأس الثمينة لا تنسجم مع طبيعة الإسلام ومزاجه" اهـ (٣).


(١) ينظر تفهيمات لأبي الأعلى المودودي: ٣٢١ - ٣٢٣، ٣٣٠ - ٣٣٣.
(٢) المرجع السابق: ٣٢٢.
(٣) المرجع السابق: ٣٢٣ - ٣٢٤.