للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطل لا يعول عليه، ويكفي من ظهور بطلانه أنه يستلزم رد الروايات الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد تحكيم العقل" اهـ (١).

خامسا: وقد ادعى جراخ علي: "أن الحديث مهما كان مستندًا قويًا محكمًا فلا اعتبار لها".

إن قصد به الأحاديث المتواترة فلا حاجة لنا للخوض معه في إثبات حجية المتواتر، لأنه مفروغ عنه ومعترف به عند جميع الفرق الإسلامية، وأما إذا قصد به أحاديث الآحاد فقوله: بأن أحاديث الآحاد لا تفيد العلم اليقيني ليس موضع اتفاق بين العلماء بل الخلاف بينهم قائم في ذلك، فجمهور الأصوليين على أنه يفيد الظن، وذهب جمهور أهل الحديث وأهل الظاهر وجماعة من العلماء على أنه يفيد العلم اليقيني، وذهب جماعة آخرون على أنه يفيد العلم إذا احتفت بالقرائن (٢).

والذي يترجح من أقوال العلماء وتطمئن له النفس أن حديث الآحاد متى ثبتت روايته ولم يكن فيه طعن فإنه يفيد العلم اليقيني (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما نقله عنه ابن القيم: "فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم مفيد لليقين، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين، فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم، كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها دون المتكلمين والنحاة والأطباء، وكذلك لا يعتد في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله، وهم علماء أهل الحديث


(١) مذكرة في أصول الفقه لمحمد الأمين بن المختار الشنقيطي، مطابع التوحيد. ص: ١٠٥.
(٢) المرجع السابق ص: ١٠٣.
(٣) ينظر الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ١/ ١٠٨ - ١١٩، وأصول الفقه لابن تيمية: ٢/ ٥٦١ - ٥٦٢.