للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكدون في البحث عن وجود هذا النظام القانوني الذي يمكن بالفعل تطبيقه وقبوله على حرفيته، بدون تغيير وتبديل في كل مجتمع وهذه الخاصة لم توجد إلا في القانون الإسلامي، ولكن إقبالًا لم يطب له هذه الميزة في القانون الإسلامي خوفًا من أن يوصف دينه بالجمود أو الوحشية، فادعى بأن الأحكام الخاصة بعقوبات الجرائم لا يمكن أن تفرض بحرفيتها على الأجيال المقبلة، فيريد أن يغير القانون السماوي كما غيره النصارى واليهود، وقد حذر من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

عن عائشة رضى الله عنها: "إن امرأة من بني مخزوم سرقت، فقالوا من يكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلم يجترئ أحد أن يكلمه فكلمه أسامة بن زيد، فقال إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه لو كانت فاطمة (بنت محمد) لقطعت يدها" اهـ (١).

لو لم تكن هذه الأحكام مقصودة بذاتها لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كانت فاطمة (بنت محمد صلى الله عليه وسلم) لقطعت يدها".

سابعا: وأما قول إقبال: "من الصعب أن تفرق بين الأحاديث التي تدخل في إطار القانون وبين تلك التي جاءت كعادات جاهلية .... " اهـ.

فهذه محاولة أخرى من إقبال لإلغاء العمل بالأحاديث النبوية الثابتة الصحيحة.

وعلل على ذلك بقوله: "هذه الحقيقة صعب إدراكها لأن الفقهاء المتقدمين لم يفرقوا بين هذه وهذه .. " اهـ.

فنرد على هذا بقولنا: إن الله عز وجل قيض لهذه الأمة ولدينها جهابذة من الفقهاء والمحدثين الذين صنفوا الأحاديث على أبواب الفقه وبينوا أحكامها، وميزوا بين الناسخ والمنسوخ والمحكم وغير المحكم، وذكروا أسباب ورود الأحاديث وتاريخ وقوعها بكل دقة وأمانة.


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ٧/ ٨٧ - ٨٨ (٣٧٣٣).