للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن القيم رحمه الله: "إن الله سبحانه نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منصب المبلغ المبين عنه فكل ما شرعه للأمة فهو بيان منه عن الله أن هذا شرعه ودينه، ولا فرق بين ما يبلغه منه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه في وجوب الاتباع ومخالفة هذا كمخالفة هذا" اهـ (١).

والبيان الذي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قسمه العلماء وبينوا علاقته بالشرع حتى لا يبقى لشاكِّ من صعوبة في تمييز الأحاديث التي جاءت كعادات والتي جاءت كأحكام قانونية.

قال ابن القيم رحمه الله: إن البيان من النبي صلى الله عليه وسلم على أقسام:

أحدها: بيان نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أن كان خفيًا.

الثاني: بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك كما بين أن الظلم المذكور في قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} هو الشرك، وأن الحساب اليسير هو العرض ....

الثالث: بيانه بالفعل كما بين أوقات الصلاة للسائل بفعله.

الرابع: بيان ما سئل عنه من الأحكام التي ليست في القرآن فنزل القرآن ببيانها، كما سئل في قذف الزوجة فجاء القرآن باللعان ونظائره.

الخامس: بيان ما سئل عنه بالوحي وإن لم يكن قرآنًا كما سئل عن رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بالخلوق فجاء الوحي بأن ينزع عنه الجبة ويغسل أثر الخلوق.

السادس: بيان للأحكام بالسنة ابتداء من غير سؤال، كما حرّم عليهم لحوم الحمر والمتعة وصيد المدينة ونكاح المرأة على عمتها وخالتها وأمثال ذلك.

السابع: بيانه للأمة جواز الشيء بفعله هو له وعدم نهيهم عن التأسي به.


(١) أعلام الموقعين لابن القيم: ٢/ ٢٢٤.