للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء" اهـ (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها" اهـ (٢).

فكلما اهتدت البشرية بنور الإسلام تطورت وارتقت، وكلما خفي نور الإسلام عادت إلى جهلة جهلاء، وإذا كان الأمر هكذا فكيف يسد العقل الاستقرائي مسد النبوات والرسالات؟

ثانيًا: إن ختم الرسالة والنبوة ثابت في الكتاب والسنة وفيهما كفاية لكل مؤمن يؤمن بالله ورسوله، ولا يحتاج إلى التكلف بإتيان أدلة عقلية، وإذا لزم المقام إلى إتيان الأدلة العقلية فهناك أدلة عقلية، وهى أكثر دلالة من أدلة إقبال المشتبهة، وقد لخصها الأستاذ الدكتور محمود ماضي في كتابه "نبوة محمد" صلى الله عليه وسلم (٣).

وخلاصته كما يلي:

إن الله تعالى لا يرسل نبيا بعد نبي إلّا لأحد الأسباب الآتية (٤):

١ - أن لا يكون قد جاء في أمةٍ رسولٌ لهدايتها وتعليمها وكانت الحجة تقتضي مجيئه بموجب عموم القاعدة المذكورة في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} (٥).

وقد ارتفع هذا السبب بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأن نبوته صلى الله عليه وسلم لم تكن منحصرة في أمة دون أمة، أو زمن دون زمن، وإنما "أرسل إلى العالم كافة، بينما كانت رسالات غيره محدودة، كل رسول (أرسل) لأمة واحدة خاصة، وهكذا كانت كتبهم المنزلة، كل كتاب لشعب معين، أما النبي محمد صلى


(١) صحيح مسلم مع الشرح: ١ - ٢/ ٥٣٦ (٢٣٢).
(٢) صحيح البخاري مع الفتح: ٤/ ٩٣ (١٨٧٦).
(٣) ينظر ص: ١٤٤ - ١٤٧.
(٤) الإيمان بالله والملائكة للشيخ المودودي دار الخلافة للطبع - ودار الأنصار بالقاهرة، ص: ١٩٠ - ١٩٨ نقلا من كتاب "نبوة محمد" ص: ١٤٤ - ١٤٥، وينظر ختم نبوت (ختم النبوة) للمودودي ص: ٩.
(٥) سورة الرعد: ٧.