للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريعة المحمدية إثبات المعاد، وتقليدًا لذلك اليهود الملعون الزنديق مع أن اليهود أنكروا عليه هذه المقالة، ولعنوه، وسموه كافرًا (١).

ثم تلقى هذه الشبهة فلاسفة الغرب وعلماء الاستشراق إذ كانت صالحة ومناسبة لإنكار الغيبيات التي كانت صدمة أمام المنهج التجريبي في معامل الغربية المادية، ومن ثم اجتاز لهم الطعن في الإسلام بأنه دين شهواني لأنه يَعِدُ أتباعه بملذات شهوانية في الآخرة، كما يظهر هذا الاتجاه في قول أمير علي السابق عندما قال: ولكن الزعم بأن النبي العربي وَعَدَ أتباعه بجنة مليئة بالشهوات والحور العين ....

وهكذا عرض أمير علي هذه الفكرة كشبهة ثم حاول الرد عليها متنازلًا عن بعض ما عنده من الحق من تصوير القرآن عن الحياة الآخرة بصور حسية، فأنكر هذه الحقيقة وقال: في هذا القدر كفاية في دحض ما افتراه القائلون بأن القرآن صور الحياة الآخرة بصورة حسية، ودلل على ذلك ببعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (٢) (٣) فأوَّل الوصف القرآني الحقيقي الجنة والنار إلى أنه وصف مستمد من واقع الحياة.

ثم أثار شبهة تطور الوحي في بيان وصف الجنة حيث قال: فالسور المكية تشتمل على الأوصاف الجميلة المادية في شأن الفردوس ولكن ينمو الوعي الديني على مر السنين وبارتقاء المسلمين في إدراك المعاني الروحية بالمدينة اصطبغت المعاني التي اتخذت مظهرًا ماديًا في البداية بصفة روحية (٤).


(١) إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع للشوكاني: ١٤.
(٢) سورة الفجر: ٦ - ٧.
(٣) روح الإسلام لأمير علي: ٢/ ٧٧.
(٤) المرجع السابق: ٢/ ٥٦ - ٥٧، ٢٥/ ١٨٠.