للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكبر دليل أو متمسك عنده آية في سورة الفجر: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (١) وهي مكية، وهذا ينقض أساس التطور في الوحي، إذ أن الوصف النفساني قد نزل في مكة كما نزل في المدينة ولكن الحقيقة كما نعلم أن في الجنة ملذات مادية وروحانية، ونزل الوحي بهذين الوصفين في مكة والمدينة على حد سواء.

وقد سبقه أستاذه سيد أحمد خان في إثارة هذه الشبهة ولكنه كان زكيًا في تناوله هذه الشبهة فإنه لم يشر أدنى إشارة إلى أن هذه الشبهة واردة من الخارج، بل قسم الأمة إلى قسمين: فجعل أتباع موسى بن ميمون الزنديق اليهودي أمثال: ابن سيناء ومن شابهه من المعتزلة والجهمية الذين أنكروا المعاد الحسي من أصحاب العقول المستنيرة، وبمقابلتهم جعل علماء الدين الزهاد من المحدثين والمفسرين من أصحاب العقول المتحجرة واتهمهم بأنهم شهوانيون لأنهم آمنوا بوجود اللذات الحسية في الجنة، وشبه الجنة التي أعد الله فيها لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر بأنها تشبه بيوت الدعارة نسأل الله العافية من الزيغ في الفكر.

وأما إقبال فتأثرُهُ بالمناهج الغربية الاستشراقية واضحة جدا في هذا الصدد، حيث صرح بأنه أخذ رأيه هذا في البرزخ من نظرية "هلمهولتس" (Helm Holtz) القائلة: "إن الأعصاب إذا هاجت لا تشعر إلا بعد مدة قليلة" اهـ.

فقال: "حالة البرزخ هو حالة تطرأ على النفس عند هيجان الأعصاب بسبب اختلال شديد في نفس الإنسان ..... " اهـ (٢). حتى قال: "إن البعث بعد الموت ليس حادثا خارجًا عن الإنسان إنما هو المحاسبة النفسية على عمل سابق التي يشعر بها الإنسان داخله، لتستكمل حياته العملية في المستقبل" اهـ (٣).


(١) سورة الفجر: ٦ - ٧.
(٢) تشكسل جديد لإقبال: ١٨١.
(٣) المرجع السابق: ١٨٢.