للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره من أنباء الغيب التي لا يشاهدونها وما لهم لا ينكرون ذلك وهم لا يعرفون الإنسان إلا هذا الجسم الذي هو الجلد واللحم والعظم والعرق والأعصاب والشرايين ونحوها مما يمتلئ بكثرة الطعام والشراب فيه ويخلو بقلتهما فيه، وما لهم لا ينكرون ذلك وهم لا يقرون الموجود إلا مسموعًا متكلمًا به مبصرًا مشمومًا ملموسًا، وما لهم لا ينكرون ذلك وطريقتهم في النصوص أبدًا تأويل الصريح وتضعيف الصحيح وأنها آحاد ظنية لا تفيد اليقين وليست بأصل بزعمهم عند المحققين" اهـ (١).

ثالثًا: إن النصوص من الآيات القرآنية والأحاديث الثابتة الصحيحة بل نصوص التوراة والإنجيل مستفيضة كثيرة تدل على أن المعاد يكون جسمانيًا ونفسانيًا، فالملذات النفسانية التي ذكرت في بعض النصوص لا تنافي حصول الملذات الجسمانية التي ورد ذكرها في كتب الله عز وجل وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم والقادر الذي أوجد المعاد النفساني أو الروحاني فهو القادر أيضًا على إيجاد المعاد الجسماني في تلك الدار.

رابعًا: إن لذة الطعام والشراب والجماع المذكورة في النصوص لا تقتصر على الملذات النفسانية بل هي لذات جسمانية ونفسانية، ولكن من أين يلزم أنه لا لذة طعام وشراب ونحوهما في تلك الدار الآخرة كما أشار إليه بعضهم.

"فإن كان بالشرع، فكُتبُ الله عز وجل جميعا ناطقة بخلاف ذلك، (٢) وفي القرآن الكريم العظيم مما يكثر تعداده، ويطول إيراده وهو لا يخفى مثله على أحد من المسلمين الذين يقرؤون القرآن لبلوغه في الكثرة إلى غاية يشترك في معرفتها المقصر والكامل.

وإن كان بالعقل فليس في العقل ما يقتضي إثبات اللذة النفسانية ونفي اللذة الجسمانية، بل لا مدخل للعقل ها هنا ولا يتعول عليه أصلًا.


(١) معارج القبول للحكمي بتصرف: ٢/ ١٠٨.
(٢) ينظر النصوص الواردة في ذلك من التوراة والإنجيل التي جمعها الإمام الشوكاني في كتابه إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع ١١ - ١٤.