للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتعريف السيد يرتكز على كون النبوة أمرًا فطريًا، وعلى هذا قد اعتبر السيد "إيديسن" (Adison) و "سيتل" (Seattle) الإنكليزيين من الأنبياء (١).

وأما تعريف إقبال فيلمح إلى أن النبوة أمر كسبي وعلى هذا الأساس شعر إقبال وجود شأن النبوة في الغزالي كما حصلت هذه المنزلة في نظره لـ "كانت" (Cant) في ألمانيا في القرن الثامن عشر الميلادي (٢).

سواءً كانت النبوة أمرًا فطريًا أو شيئًا كسْبيًا ففيه رفض لكون النبوة منحة إلهية، وكان هذا أكبر متمسك قد تمسك به الميرزا وجرّبه في حياته.

أضف إلى ذلك ما قاله إقبال في ختم النبوة: "ظهور الإسلام هو ظهور العقل الاستقرائي وفي الإسلام قد وصلت النبوة إلى عروجها وكمالها وأوجبت على نفسها الانتهاء" اهـ (٣).

قد ربط إقبال انتهاء النبوة بكمال العقل البشري أو العقل الاستقرائي فيتيبن من ذلك أن العقل البشري إذا ضعف عادت النبوة إلى وظيفتها.

فكانت هذه بعض المحركات والدوافع التي أوجدتها المنهجية الجديدة المتأثرة بالاستشراق، وهي أيضًا دفعت الميرزا إلى ادعائه بالنبوة.

ثالثا: إن الحالة الصحية التي كان يعانيها الميرزا المتنبئ من أمراض كثيرة وبخاصة منها مرض الهِسْتِيريا (Hysteria) أصيب بها في شبابه قد ناسبته، فكانت تصيبه النوبات العصبية العنيفة، وكان يغمى عليه في بعض هذه النوبات، وقد سبق أن ذكرنا أن سيد أحمد خان شبه هذه النوبات بالحالة التي أوحي فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال: "ويسمع النبي كلام نفسه بأذنيه الخارجيتين كأن شخصًا يخاطبه من الخارج ويرى بعينيه الخارجتين، كأنه رأى شخصًا وقف أمامه .... مع فارق التشبيه نثبت أن الألوف منا من رأى حالات فاقدي العقل يسمعون أصواتًا دون متكلم


(١) ينظر مقالات للسيد ١٣/ ١٩.
(٢) ينظر تشكيل جديد لإقبال ص: ٧.
(٣) المرجع السابق ص: ١٩٢ - ١٩٣.