للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرون أشخاصًا في الخارج مع انفرادهم عن البشر، تلك كلها أوهام من أوهام لارتكاز كل قواهم واتجاهاته إلى شيء معين" اهـ (١).

وهذا الذي قد أصر عليه المستشرقون ليسوَّوا بين وحي السماء وبين ما يصيبه لفاقد العقل في حالة الصرع حتى لا يبقى هناك فارق بين النبوة والادعاء بالنبوة.

يقول المستشرق "لوثروب ستودارد": "كان محمد أميا لا يقرأ ولا يكتب ولم يكن فيلسوفا ولكنه لم يزل يفكر في هذا الأمر إلى أن تكونت في نفسه بطريق الكشف التدريجي المستمر عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثنية" اهـ (٢).

وقال أيضا: "إن سبب الوحي النازل على محمد (صلى الله عليه وسلم) والدعوة التي قام بها هو ما كان ينتابه من داء الصرع" اهـ (٣).

ويقول المستشرق "درمنغم": "وجعل (الرسول صلى الله عليه وسلم) يقضي ساعات طويلة (٤). جافيا في أطلال الغار، أو متقلبا تحت وهج الشمس، وسائرا بخطى واسعة في الشعاب، وكان كلما سار خيل إليه أن أصواتا تخرج من الحجارة ... هذه الكواكب تكون في ليالي صيف الصحراء من الكثرة وشدة النور ما يخيل معه أنه يسمع صوتا لِلَمَعَانِهَا كما يسمع صوت نار موقد كبير" اهـ (٥). ولقد ناقشنا مسألة اكتساب النبوة وفندنا هذه الشبهة في الفصول الماضية، فلا حاجة لتكرارها.


(١) ينظر مقالات لسيد أحمد خان ١٣/ ٦٨, ١٣٨, وتفسير القرآن له ٣/ ١٧.
(٢) حاضر العالم الإسلامي لـ لوثروب ستودارد، تعليق: شكيب أرسلان، ترجمة: عجاج نوبهز دار الفكر، بيروت ١٣٩٤ هـ/١٩٧٣ م، ط/ ١: ٤/ ٣٩.
(٣) المرجع السابق: ١/ ٣٤.
(٤) وفي الأصل "طويل الساعات".
(٥) حياة محمد لأميل درمنغم ترجمة عادل زعينر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ١٩٤٢ م ص: ٥٦.