للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجماعات، وبرز لهذه المهمة الشاقة علماء أجلاء منهم الشيخ ثناء الله الأمرتسري (١) والشيخ أبو الكلام آزاد (٢)، فوضعوا أسسا وضوابط لمقاومة الاستشراق ونقد آثاره عند المسلمين، ومن هذه الأسس ما أشار إليه الشيخ أبو الكلام آزاد رحمه الله، وخلاصته ما يلي:

١ - أنه لا ينبغي للعالم المسلم التسارع إلى الفتن والشبهات بحجة المقاومة، لأن المقاوم هو أول من ينجرح بأسلحة الشكوك والشبهات، كما حدث ذلك للمعتزلة القديمة، عندما قاوموا الفلسفة اليونانية، فلا بد من التريث والتأني في مقاومة (الاستشراق) الفلسفة الأوربية الجديدة (٣).

٢ - أنّنا لسنا بحاجة إلى إحداث علم كلام جديدا لمقاومة الاستشراق، لأن علم الكلام القديم لم يُفد شيئا في مقاومة شبهات الفلسفة اليونانية القديمة، بل جرّ إلى الأمة فتنة الاعتزال، فينبغي أن نستخدم أسلحة الكتاب السنة، فتجمع الشبهات بدون التفريق بين الجديد والقديم، ثم ينظر فيها بالسبر والتقسيم، فهل من جديد في أصولها، أو هي كما قال الله تعالى: {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ} (٤) (٥).


(١) ثناء الله الأمرتسري (١٢٨٧ هـ -١٣٦٧ هـ): هو أبو الوفاء ثناء الله بن محمد خضر الكشميري ثم الأمرتسري أحد الفضلاء المشهورين بالمناظرة واشتغل بالعلم أياما على مولانا أحمد الله الأمرتسري، ثم قرأ الحديث على الشيخ عبد المنان الضرير الوزير الآبادي، ثم سار إلى ديوبند ودرس على أساتذة المدرسة العالية بها، بعد إكمال دراسته رجع إلى أمرتسر واشتغل بالتصنيف والتذكير والمناظرة مع النصارى والآرية والفرق الباطلة من القاديانة والشيعة والقرآنية (منكري السنة)، وقد باهل المرزا غلام أحمد القادياني، وقال: إن الكاذب منهما يسبق إلى الموت ويسلط الله عليه داء مثل الهيضة والطاعون، وقد ابتلى المرزا بهذا الداء بعد مدة قليلة ومات، أما الشيخ ثناء الله فقد عاش بعد هذا أربعين سنة، فمن هنا لقّب الشيخ بفاتح القاديانية، وكان عاملا بالحديث، نابذا للتقليد (نزهة الخواطر ص: ٥/ ٦٧).
(٢) ينظر لترجة آزاد ص: ٦٣٢ في هذا البحث.
(٣) ينظر تذكرة لأبي الكلام آزاد ساهتيه إكاديمي دهلي الجديدة ط / ٣، ١٩٨٥ ص: ٢٣٩ - ٢٤٠.
(٤) سورة المؤمنون: ٨١.
(٥) ينظر تذكرة لآزاد ص: ٢٣٤.