للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب تأثيره إنما هو من قوة النفوس وليس من الله "فهم لا يقصدون الله أن يفعل شيئًا ولا يطلبون منه شيئًا ولكن يقوون نفوسهم قوة يزعمون أنهم يفعلون بها" (١).

وهؤلاء أعظم شركًا وغلوًا في الضلال والغي من مشركي العرب الذين يعتقدون الوساطة والشفاعة لأصنامهم.

قال شيخ الإسلام في تفضيل أهل الكتاب والمشركين على الفلاسفة الملاحدة: "فمشركو العرب مع أهل الكتاب يدعون الله، ويقولون: إنه يسمع دعاءهم ويجيبهم، وهؤلاء - يعني الفلاسفة - عندهم لا يعلم شيئًا من جزئيات العالم، ولا يسمع دعاء أحد ولا يجيب أحدًا، ولا يُحْدِث في العالم شيئًا ولا سبب للحدوث عندهم إلا حركات الفلك، والدعاء عندهم يؤثر، لأنه تصرف النفس الناطقة في هيولى (٢) العالم" (٣).

وهؤلاء قالوا أيضًا في تعليل وتجويز دعاء غير الله تعالى وتأثيره وزيارة القبور الزيارة الشركية: إن الأرواح المعظمة المفارقة للجسد، أو الجواهر العلويات كالشمس والقمر وسائر الكواكب، يفيض عليها من جهة الرب، فإذا اتصل بها أحد بدعائها أو الاستشفاع بها، أو زيارة هياكلها أو قبورها وأضرحتها فاض على هذا الداعي أو الزائر منها ما فاض عليها من جهة الرب من غير فعل من تلك الأرواح والجواهر ومن غير سؤال منها ويمثلون ذلك بالشمس إذا طلعت على مرآة فانعكس الشعاع الذي على المرآة على موضع آخر فأشرق بذلك الشعاع، فهذا الشعاع حاصل


(١) بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٥١، والفتاوى: ٨/ ١٩٥، والرد على المنطقيين: ١٠٣ - ١٠٥، ٥٣٥ - ٥٣٧، والرد على البكري ص: ٢٦٨، وقاعدة التوسل: ٢٥، ومصباح الظلام: ١٧٦.
(٢) الهيولى: لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة، وفي الاصطلاح جوهر في الجسم قابل لما يعرف لذلك الجسم من الاتصال والانفصال محل للصورتين الجسمية والنوعية. اهـ. التعريفات ص: ٢٥٧.
(٣) الفتاوى: ١٧/ ٢٩٣ - ٢٩٤، والرد على المنطقيين: ٥٣٥ - ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>