للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وآخرون ذهبوا إلى أن الدعاء تارة يكون أفضل وتارة يكون السكوت أفضل وذلك يختلف بحسب الأوقات، والأحوال، وهؤلاء اختلفوا على أقوال:

١ - قيل: ما كان للمسلمين فيه نصيب، أو لله فيه حق، فالدعاء أولى، وإن كان لنفسك فيه حظ فالسكوت أتم.

٢ - وقيل: إذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء فالدعاء أفضل، وإذا وجد إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم.

وذهب إلى اختيار القول بالإشارة القشيري، واعترض الحافظ عليه بأنه لا يتأتى من كل أحد (١).

٣ - وقيل لا يدعو إلا بطاعة ينالها أو خوف سخط، فإن دعا بسوى ذلك فقد خرج عن حد الرضا (٢) أي لا يدعو بما يتعلق بأمور الدنيا.

هذه الأقوال الأربعة الأخيرة، ذهب إليها المتصوفة، وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بحجج نذكرها ثم نناقشها بما يسره الله تعالى.

ومن حجتهم حديث ابن عباس في المرأة التي كانت تصرع حيث قال لها النبي : "إن شئتِ صبرت ولك الجنةُ، وإن شئتِ دعوتُ اللَّهَ أن يعافيَكِ، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكَشَّف فادعُ الله أن لا أَتكشَّفَ، فدعا لها" (٣).

وحديث جابر في شكاية أهل قباء الحمى إلى النبي وقوله لهم: "ما شئتم، إن شئتم أن أدعو الله لكم فيكشفها عنكم وإن شئتم أن تكون لكم طهورًا؟، قالوا: يا رسول الله أوَ تفعل؟، قال: نعم، قالوا: فدعها" (٤).


(١) الفتح: ١١/ ٩٥.
(٢) الأزهية ص: ٤٧، وإتحاف السادة: ٥/ ١١٧.
(٣) أخرجه البخاري: ١٠/ ١١٤ رقم ٥٦٥٢، ومسلم: ٤/ ١٩٩٤ رقم ٢٥٧٦، وأحمد: ١/ ٣٤٧.
(٤) أخرجه أحمد ٣/ ٣١٦، وأبو يعلى: ٣/ ٤٠٨ رقم ١٨٩٢، و ٤/ ٢٠٨ رقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>