للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي يقول به هؤلاء من الإدعاءات الكثيرة في أئمتهم ومدعويهم لا يصدقه العقل السليم ولكن الأمر كما قال الإمام الشاطبي :

"ولولا الغلو في الدين والتكالب على نصر المذهب، والتهالك في محبة المبتدع لما وسع ذلك عقل أحد" (١).

وقد وضح مما تقدم مدى ما وصل إليه غلو الروافض في أئمتهم ولم يصل إلى هذا الحد من الغلو في الصالحين في هذه الأمة أحد مثلهم. ثم قلدهم الصوفية فغلوا في شيوخهم ورفعوهم فوق منزلتهم، ومن طريق هاتين الفرقتين انتشرت الشركيات في هذه الأمة وانتشر الغلو في الصالحين وعباداتهم ودعاؤهم من دون الله تعالى.

وهذا ليس افتراء على هاتين الفرقتين بل يشهد بذلك التاريخ الصحيح.

فالشيعة هم أول من اعتنى بالمشاهد وتزيينها وزخرفتها مع تعطيلهم للمساجد فمن ذلك ما ذكره الإمام أحمد مما يقع عند قبر الحسين بكربلاء (٢).

وما ذكره المؤرخون في حوادث سنة ٢٣٦ هـ من هدم المتوكل قبر الحسين لأنه كان مزارًا للناس، وقد أنذر صاحب شرطته الناس بأنه "من وجد عند قبره بعد ثلاث بعثناه إلى المطبق" (٣) فلم يبق هناك بشر واتخذ ذلك الموقع مزرعة تحرث وتستغل (٤).

ومما يؤكد هذا أن إخوان الصفا مع فسادهم وانحلالهم يتهمون الشيعة بأن منهم من جعل التشيع مكسبًا مثل النائحة والقصاص، وجعلوا شعارهم لزوم المشاهد وزيارة القبور (٥).


(١) الاعتصام: ١/ ٢٥٩.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم: ٣٠٥ - ٣٠٦، ٣٩١، والرد على الأخنائي: ٣٢.
(٣) المطبق: السجن تحت الأرض المعجم الوسيط: ٢/ ٥٥٦ مادة طبق.
(٤) تاريخ الأمم: ٩/ ١٨٥، والبداية: ١٠/ ٣٢٨، ومقاتل الطالبين: ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٥) رسائل إخوان الصفا: ٤/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>