وأما المتأخرون فكثير منهم يعتقد التصرف المطلق لمدعوه، وقد ذكرنا ذلك بما فيه الكفاية في مبحث (١) علاقة الدعاء بتوحيد الربوبية ولله الحمد.
٢ - ومن مظاهر غلوهم: أن الأولين كانوا يدعون معبوديهم في حال السعة والرخاء واليسر.
وأما في حال الشدة والضيق ونزول المصائب كالتطام الأمواج وخوف الغرق والهلاك، فلا يدعون إلا الله تعالى لمعرفتهم أنه لا ينقذ من تلك الشدة إلا الواحد القهار.
هذا ما ذكره الله عنهم من إخلاص الدعاء عند التطام الأمواج، وقد ذكر الله عنهم إخلاصهم الدعاء عند الشدائد بصفة عامة فقال: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)﴾ [الأنعام: ٤٠، ٤١].
(١) تقدم ص: ٢٥٥، وانظر أيضًا السيد البدوي ص: ٣ ومقدمة مصرع التصوف ص: ٤، ومصباح الظلام: ٢٤، والبريلوية: ٦٨، ٦٩.