للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامكم، وما هو كائن بعد، قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان الليل دفناه، وسوينا القبور كلها، لنعميه على الناس لا ينبشونه، قلت: وما يرجون منه؟ قال: "كانت السماء إذا حبست عليهم، برزوا بسريره فيمطرون، قلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له دانيال … " (١).

وهذا الأثر ثابت عن أبي العالية (٢) رفيع بن مهران الرياحي التابعي الكبير وكان حاضراً للقصة فصح بذلك هذا الفعل من الصحابة رضوان الله عليهم.

قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية (٣).

وقد ورد في رواية أخرى أن الذي أمرهم بإخفاء قبره هو عمر بن الخطاب ، فقد روى ابن أبي شيبة بإسناده عن أنس "أنهم لما فتحوا تستر، قال: فوجد رجلاً أنفه ذراع في التابوت كانوا يستظهرون ويستمطرون به فكتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب عمر أن هذا نبي من الأنبياء، والنار لا تأكل الأنبياء والأرض لا تأكل الأنبياء فكتب أن انظر أنت وأصحابك -يعني أصحاب أبي موسى- فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما قال: فذهبت أنا وأبو موسى فدفناه" (٤).

وهذا الصنيع من الصحابة رضوان الله عليهم للمحافظة على صفاء العقيدة وحماية الأمة الإسلامية من الشرك ووسائله، وهو دليل على دقة


(١) سيرة ابن إسحاق، رواية يونس بن بكير ص: ٦٦، والبداية: ٢/ ٣٧، وتاريخ الطبري: ٤/ ٩٢ - ٩٣، ومنهاج السنة: ١٢/ ٤٨٠ و ٢/ ٤٣٨، واقتضاء: ٣٣٩.
(٢) انظر التقريب رقم ١٩٥٣.
(٣) البداية: ٢/ ٣٧.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ١٣/ ٢٨ رقم ١٥٦٦٦ عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني، وهو عبد الملك بن حبيب عن أنس به، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقال ابن كثير: وعن أنس بن مالك بإسناد جيد فذكر قطعة منه "البداية والنهاية": ٢/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>