للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم الصحابة لما يفسد العقيدة أو يشوبها بالخلل والنقصان، وأما المتأخرون فلو ظفروا بمثل هذا القبر المنسوب إلى نبي لاحتفلوا به وبنوا عليه قبة مذهبة وطافوا به واعتكفوا حوله ودعوه من دون الله تعالى، وهذا ليس تخميناً بل يصدقه الواقع فكم من قباب وأضرحة شيدت على قبور بسبب حكايات ومنامات وليس لها دليل ولا حجة سوى من يدعي المنام إما حلماً من الشيطان وتلبيساً منه، أو للتأكل والاسترزاق، قال ابن القيم: ولو ظفر به المستأخرون لجالدوا عليه بالسيوف ولعبدوه من دون الله فهم قد اتخذوا من القبور أوثاناً يداني من لا هذا ولا يقاربه" (١).

٤ - إن السلف الصالح رضوان الله عليهم كرهوا تحري الدعاء عند القبر واعتبروه بدعة.

أ - فمن ذلك ما روي عن علي بن الحسين زين العابدين ، فإنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي فيدخل فيها فيدعو فنهاه فقال: "ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله قال: "لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم" (٢).

ب - ومن ذلك ما روي عن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب : قال سهيل بن أبي سهيل: رآني الحسن بن الحسن بن


(١) إغاثة اللهفان: ١/ ١٥٨.
(٢) أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة ص: ٣٣ رقم ٢٠، وأبو يعلى في مسنده: ١/ ٣٦١ رقم ٤٦٩، وقال الحافظ ابن عبد الهادي في الصارم ص: ٢٩٥: "قد رواه أبو يعلى والحافظ أبو عبد الله المقدسي في الأحاديث المختارة وهو حديث محفوظ عن علي بن الحسين زين العابدين وله شواهد كثيرة". اهـ. وقال الألباني: "حديث صحيح بطرقه وشواهده" "فضل الصلاة على النبي ص ٣٤"، وقال الألباني في تحذير الساجد ص: ١٤٠ فيه علي بن عمر بن الحسين وهو مستور. اهـ.
وقد علمت من كلام ابن عبد الهادي أنه محفوظ من زين العابدين، كما أن له شواهد منها ما يأتي بعده ويؤيده إخراج المقدسي له في المختارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>