للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي بن أبي طالب عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال: هلم إلى العشاء، فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي ، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله قال: "لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء" (١).

فتبين من هذين الأثرين أن قصد قبر النبي للدعاء عنده من اتخاذه عيداً وذلك أن علي بن الحسين زين العابدين وهو أفضل التابعين من أهل البيت -نهى ذلك الرجل من أن يتحرى الدعاء عند قبره واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه عن جده وهو أعلم بمعناه من غيره، وكذلك ابن عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته -كره أن يقصد القبر للسلام ونحوه، غير دخول المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيداً.

فهذه السنة مخرجها من أهل البيت وأهل المدينة الذين لهم من رسول الله قرب النسب وقرب الدار؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا لها أضبط (٢).

جـ - ومن ذلك ما روي عن مالك أنه قال: "لا أرى أن يقف عند قبر النبي يدعو ولكن يسلم ويمضي" (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ٣/ ٣٤٥، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة ص: ٣٩ رقم ٣٠، وعبد الرزاق في المصنف: ٣/ ٥٧٧ رقم ٦٦٩٤، وأخرجه سعيد بن منصور كما في اقتضاء الصراط ص: ١٠٩، ٣٢٢، والعقود الدرية ص: ٢٢٤، والكواكب الدرية ص: ١٥٥، هذا ولهذين الأثرين شاهد من حديث أبي هريرة، تقدم تخريجه ص: ٤٥٧.
(٢) اقتضاء الصراط: ٣٢٤، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٥١.
(٣) ذكره عن مالك إسماعيل القاضي في المبسوط، ونقله عنه عياض في الشفا: ٢/ ٦٧١، وانظر الرد على الأخنائي: ٤٦، ٩٦، ١٠٤، والاقتضاء ص: ٣٦٥، والصارم: ١٢٥، والمنتقى للباجي: ١/ ١٩٦، والرد على البكري: ٢٨١، ٢٣١، ومنهاج السنة: ٢/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>